الدكروري يكتب عن أبو الحارث عبد المطلب
الدكروري يكتب عن أبو الحارث عبد المطلب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن أبو الحارث عبد المطلب
ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقيل أن عبد المطلب بن هاشم لما قال لولده الحارث بن عبد المطلب ذد عني، أي امنع عني حتى أحفر، وكان يحفر بئر زمزم، وعلم أنه لا قدرة له على ذلك قام بنذر إن رزق عشرة من الولد الذكور يمنعونه ممن يتعالى عليه ليذبحن أحدهم عند الكعبة، وقيل إن سبب ذلك أن عدي بن نوفل بن عبد مناف أبا المطعم قال له يا عبد المطلب تستطيل علينا وأنت فذ لا ولد لك أي متعدد، بل لك ولدا واحدا ولا مال لك، وما أنت إلا واحد من قومك، فقال له عبد المطلب أتقول هذا، وإنما كان نوفل أبوك في حجر هاشم أي لأن هاشما كان خلف على أم نوفل وهو صغير.
فقال له عدي وأنت أيضا قد كنت في يثرب عند غير أبيك كنت عند أخوالك من بني النجار، حتى ردك عمك المطلب، فقال له عبد المطلب أو بالقلة تعيرني، فالله علي النذر لئن آتاني الله عشرة من الأولاد الذكور لأنحرن أحدهم عند الكعبة، وقيل إن عبد المطلب نذر أن يذبح ولدا إن سهل الله تعالي له حفر زمزم، فعن معاوية رضي الله عنه أن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر الله إن سهل الأمر بها أن ينحر بعض ولده، فلما صاروا عشرة أي وحفر زمزم أمر في اليوم بالوفاء بنذره أي قيل له قرّب أحد أولادك، أي بعد أن نسي ذلك وقد قيل له قبل ذلك أوفي بنذرك، فذبح كبشا أطعمه الفقراء ثم قيل له في النوم قرب ما هو أكبر من ذلك فذبح ثورا، ثم قيل له في النوم قرب ما هو أكبر من ذلك فذبح جملا.
ثم قيل له في النوم قرب ما هو أكبر من ذلك فقال وما هو أكبر من ذلك؟ فقيل له قرب أحد أولادك الذي نذرت ذبحه، فضرب القداح على أولاده بعد أن جمعهم وأخبرهم بنذره، ودعاهم إلى الوفاء وأطاعوه، ويقال إن أول من أطاعه عبد الله وكتب اسم كل واحد على قدح، ودفعت تلك القداح للسادن، والقائم بخدمة هبل، وضرب تلك القداح، فخرجت على عبد الله أي وكان أصغر ولده، وأحبهم إليه مع ما تقدم من أوصافه، فأخذه عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة، ثم أقبل به على إساف ونائلة وألقاه على الأرض، ووضع رجله على عنقه، فجذب العباس عبد الله من تحت رجل أبيه حتى أثر في وجهه شجة لم تزل في وجه عبد الله إلى أن مات، وكان عبد الله بن عبد المطلب من أحب ولد أبيه إليه.
ولما نجا من الذبح وفداه عبد المطلب بمائة من الإبل، زوجه من أشرف نساء مكة نسبا، وهي السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ولم يلبث أبوه أن توفي بعد أن حملت به آمنة، ودُفن بالمدينة عند أخواله بني عدي بن النجار، فإنه كان قد ذهب بتجارة إلى الشام فأدركته منيته بالمدينة وهو راجع، وترك هذه النسمة المباركة، وكأن القدر يقول له، قد انتهت مهمتك في الحياة وهذا الجنين الطاهر يتولى الله سبحانه وتعالى بحكمته ورحمته تربيته وتأديبه وإعداده لإخراج البشرية من الظلمات إلى النور.