الدكروري يكتب عن مؤلفات أسد إبن الفرات
الدكروري يكتب عن مؤلفات أسد إبن الفرات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن مؤلفات أسد إبن الفرات
إن من أشهر مؤلفات أسد إبن الفرات هو كتاب الأسدية في فقه المالكية، وعندما انتقل أسد إبن الفرات إلى بلاد المغرب مع أبيه الفرات بن سنان الذي كان قائدا للمجاهدين الذين خرجوا لنشر الدين الإسلامي في بلاد المغرب واستقر مع أبيه في مدينة القيروان، نشأ منذ صغره على حفظ كتاب الله وحب العلم ومجالسة العلماء وأصبح معلما للقرآن وهو دون الثانية عشر من عمره، كما نجح في تحصيل العلوم الشرعية وبرع في الفقه وكان يميل دائما إلى إعمال العقل، وسافر أسد بن الفرات إلى المدينة النبوية لسماع الموطأ من الإمام مالك مباشرة، ولاحظ الإمام مالك حرص أسد بن الفرات على سماع الحديث وشغفه بالعلم، ثم رحل بعد ذلك إلى العراق وفيها التقى كبار تلاميذ أبي حنيفة ثم ارتحل من العراق إلى مصر.
وكان فيها أكثر تلاميذ مالك علما وورعا، ثم عاد أسد بن الفرات إلى مدينة القيروان بعد رحلة علمية طويلة شاقة ولكنها كانت ناجحة علميا إذ تنقل فيها بين المدينة المنورة ومكة وبغداد والكوفة والفسطاط في طلب العلم حتى صار من كبار علماء المغرب وإماما من أئمة المسلمين الذين بلغـوا درجة الاجتهاد وجلس بجامع عقبة بن نافع وأقبل عليه الناس من كل مكان من المغرب والأندلس واشتهر أمره وشاع علمه وارتفع قدره، وكان أسد بن الفرات شديد الضبط والتحرير والدقة لكتبه حتى صار مضرب الأمثال في ذلك، كما كان من كبار المجاهدين في سبيل الله فقد ورث حب الجهاد عن أبيه الذي كان أمير المجاهدين في حران، والذي حمل ولده الصغير أسد وخرج به مجاهدا في سبيل الله فنشأ شجاعا وكان جنديا جريئا.
وبحّارا مغامرا واشترك وهو ما زال في سن الشباب في العديد من المعارك البحرية في مياه البحر المتوسط، وكانت إفريقية وهي تونس واقعـة تحت حكم دولة الأغالبة التي استقلت بحكم البلاد منذ سنة مائة وأربعة وثمانين من الهجرة، ولكنها كانت تابعة للدولة العباسية، وكانت هذه الدولة في بداياتها معنية بأمر الجهاد ونشر الإسلام واتجه اهتمام ولاة هذه الدولة إلى الجزر الكبرى الواقعة في البحر المتوسط مثل جزيرة صقليه وكورسيكا وسردانية وغيرها ولكن التركيز الأكبر كان على جزيرة صقلية التي تعتبر من أكبر جزر البحر المتوسط مساحة وأغناها من حيث الموارد الاقتصادية وأفضلها موقعا وانتبه المسلمون لأهمية هذه الجزيرة مبكرا وذلك منذ عهد الصحابة وحاولوا فتحها مرات عديدة.
وفي سنة مائتان وإثني عشر من الهجرة، لما استنفر الناس للجهاد وفتح صقلية هُرعوا لتلبية النداء، فجُمعت السفن من مختلف السواحل وكلف حاكم تونس آنذاك ابن الأغلب أسد بن الفرات على الحملة البحرية بالرغم من كبر سنه الذي بلغ سبعين سنة، وكان أسد بن الفرات شديد الحرص على الخروج في هذه الغزوة كواحد من المسلمين ولكن الحاكم ابن الأغلب، أصر على أن يتولى قيادة الحملة العسكرية ويكون قاضيا فجمع له القيادة الميدانية والروحية نظرا لتأثيره في الناس وحبهم له.