الدكروري يكتب عن مواهب تميز الإنسان
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، الذي كان من اهتمامة صلى الله عليه وسلم بشأن الضعفاء أن امرأة سوداء كانت تقم علي المسجد، أي كانت تنظف المسجد، ففقَدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها، فقالوا ماتت، فقال صلى الله عليه وسلم ” أفلا كنتم آذنتموني” فكأنهم صغّروا أمرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” دلوني على قبرها” فدلوه، فصلى عليها” رواه البخاري ومسلم، ولقد أخبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن الجنة فتحت أبوابها لإمرأة بغي من بغايا بني إسرائيل، لمجرد أنها سقت كلبا عطشانَ، فأخرج مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
” إن امرأة بغيّا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها أي استقت له بخفها فغُفر لها” فقد غفر الله لهذه البغي ذنوبها بسبب ما فعلته من سقي هذا الكلب، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النار فتحت أبوابها لامرأة حبست هرة لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” عُذبت امرأة في هرة لم تطعمها، ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض” رواه البخاري ومسلم، وهو صلى الله عليه وسلم القائل ” ألا أُخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبرّه، ألا أُخبركم بأهل النار؟ كل عُتل جواظ مستكبر” أما بعد فإن العظيم ليكون عظيما بإحدى ثلاث، وهي بمواهب تميزه عن غيره وتعلو به عمن سواه.
وتجعله بين الناس صنفا ممتازا مستقلا بنفسه عاليا برأسه يجل عن المساماة ويعظم على المسابقة، أو بعمل عظيم يصدر عنه ويعرف به ويعجز الناس عن الإتيان بمثاله أو النسج على منواله، أو فائدة يسديها إلى الجماعة وينفع بها الناس، وبقدر ما يكون العظيم متمكنا من وصفه مفيدا في إنتاجه بقدر ما تكون درجته من العظمة، ومنزلته من التقدير، ولهذا تفاوتت منازل العظماء، واختلفت مراتبهم، فمنهم سابق بلغ ذؤابات العظمة، ومقتصد بلغ من حدودها ما يرفعه إلى مصاف العظماء، ومقصر كان نصيبه منها أن نسب إليها ولصق بها أو لصقت به، والضمير هو تلك القوة الروحية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره وهو منحة من الله للإنسان، يدله بها على الخير والشر وكيف يكسب الرضا والراحة النفسية.
ولذلك ضرب الله تعالي مثلا لذلك بنبيه يوسف عليه السلام، حينما حجزه ضميره عن الانجراف وراء الهوى حيث قال الله تعالي ” معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون” والضمير هو مستودع السر الذي يكتمه القلب والخاطر الذي يسكن النفس، فيضيء ظلمتها وينير جوانبها، والضمير هو القوة التي تدفع نحو فعل الخيرات وترك المنكرات وحب الصالحات، وهو سبب تسمية النفس باللوامة، كما قال الله سبحانه وتعالى ” لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة” والضمير هو الرادع عن المعاصي والآثام الذي يجنبك مقاربتها ويثنيك عن تكرارها، وإن الضمير ينجي صاحبه من المهالك، ويبعده عن شر المسالك، ومن صفات الضمير المؤمن، أن صاحبه دائم التذكر فإذا هم بأمر سوء ارتدع وانزجر، وابتعد عن المعاصي وأدبر.