شريط الاخبار
الدكروري يكتب عن قصي بن كلاب زعيم مكة
الدكروري يكتب عن قصي بن كلاب زعيم مكة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن قصي بن كلاب عندما انتصر علي أعداءة فقد جمع قومه من الشعاب والأودية والجبال، ومُلك عليهم، وحكم فيهم، وقسم مكة بينهم رباعا، فبنوا المساكن، وقيل أن قومه هابوا قطع شجر الحرم ليبنوا منازلهم، فبادر قصي فقطعها، فلما رأوا أنه لم يصبه أذى فعلوا مثلما فعل، وبنى قصي دار الندوة، وجعل بابها إلى الكعبة، وكان ذلك في منتصف القرن الخامس الميلادي، أي قبل ما يقارب مائة وخمسين عاما من الهجرة النبوية الشريفة، وقد اتخذ قصي بن كلاب دار الندوة مقرا لسكناه وإقامته، وفي ذات الوقت رسخ من خلالها سياسات وأساليب تدار من خلالها شؤون القبيلة ومكة المكرمة، وكانت معظم الشؤون العامة الداخلية والخارجية تناقش في هذه الدار.
فعندما قرر صناديد قريش مواجهة دعوة الإسلام التي أخذت تنتشر في المجتمع المكي عقدوا اجتماعاتهم، وقرروا فيها الكيد للإسلام، بإلصاق التهم جزافا بمبادئ الدين الجديد وبشخص الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم اتجهوا بعد ذلك للإيذاء الجسدي والمساوامات والمقاطعة بهدف منع صاحب الدعوة واتباعه، من نشر مبادئ الإسلام العظيمة، وكانت هذه الاجتماعات تتم في دار الندوة، وعندما وجدوا أن هذه الأساليب لا تجدي نفعا ولا تحقق غاياتهم، اجتمعوا في دار الندوة وقرروا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك سببا لهجرته الشريفة صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة المنورة، وكانت دار الندوة المكان الذي تعقد فيه ألوية الحروب التي خاضتها قريش، وبعد أن فتح الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة.
وفشا الإسلام في سكانها، أخذ الكثير من عادات ورسوم الجاهلية بالاختفاء أو التغيير، ومن ضمنها أنماط الحكم فيها، فلم تعد تحكم من قبل الملأ وأهل المشورة، وإنما عين عليها الرسول صلى الله عليه وسلم أميرا يتبع سلطته بالمدينة المنورة، والتي أضحى أمر المشورة منوطا بها فقط، ولم يبقي من الرسوم والأعراف التي أنشأها قصي، سوى الحجابة والسقاية والرفادة، وبالتالي انتهت رسوم دار الندوة وأعرافها الاجتماعية، وقيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ مفاتيحها مع مفاتيح الكعبة من بني عبدالدار، ويقال أنه أعادها عندما أعاد إليهم مفاتيح الكعبة، فبقيت في أيديهم إلى أن باعوها بعد ذلك، حيث قام معاوية بشرائها من ابن الرهين العبدري بمائة ألف درهم.
وفي روايات أخرى أن الذي باعها حكيم بن حزام بن خويلد الأسدي، أو انه عكرمة بن عامر وقيل عمار بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار، ويقال أن شراءها كان في عام اربعة وأربعين من الهجره، وذلك عندما جاء معاوية بن أبي سفيان إلى مكة المكرمة حاجا، وقد عارض الشراء شيبة بن عثمان، طالبا شراءها بحق الشفعة لأنها بجوار داره، فكلم معاوية في ذلك، فطلب منه معاوية إحضار المال، وواعده مساء ذلك اليوم، فلما جاء بالمال طلب منه معاوية انتظاره في المسجد الحرام، وخرج مسافرا من باب آخر لدار الندوة، دون أن يشعر به شيبة، الذي ظل منتظرا حتى موعد صلاة المغرب، فلما خرج والى مكة عبدالله بن أسيد من دار الندوة للصلاة، سأله شيبة عن معاوية، فأخبره بسفره، فأقسم شيبه أن لا يكلمه أبدا.
الدكروري يكتب عن قصي بن كلاب زعيم مكة