ذلك الحب الكاذب
بقلم فاطمه عبد العزيز محمد
الغش وخداع المشاعر لاشك أشد خطرًا من غش الأموال، فتعويض المال ميسور، لكن تعويض المشاعر أمر عسير.
ويقول المولى عز وجل محذرًا من خطر ما ينطق به اللسان بالقول: «مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ » (ق: 18)، ذلك أن ما يقوله المرء لاشك يكتب فإما له أو عليه، فعلى كل إنسان أن يحفظ لسانه، وألا يخدع الناس، لأن الله تعالى لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه».
والله عز وجل ونبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم يحذران جل التحذير من الكذب، لأنه يخفي حقيقة ما يبطنه الإنسان، ويزيف العلاقات بين الناس، فما بالنا بالزيف والكذب بالمشاعر؟.
ويقول عليه الصلاة والسلام: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا»،
والتلاعب بالألفاظ من آفات اللسان، لذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان وتقول: اتق الله فينا، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا».
ويجب على كل مسلم أن يتحلى بالأخلاق الطيبة، ويبتعد كل البعد عن كل ما يؤذي الناس، خصوصًا المشاعر، ولا يتلاعب بمشاعر الفتيات فإنه مسئول ومحاسب أمام الله عن ذلك، حيث ان التلاعب بمشاعر المرأة جريمة ونذالة، كمن يخطب فتاة ثم يهرب ويختفي دون سابق إنذار،
ويقول عليه الصلاة والسلام: «اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأدوا إذا ائتمنتم، وأوفوا إذا وعدتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم»، إن الله سائلكم عما تقولون، ومحاسبكم على ما تعملون، فأعدوا للسؤال جوابًا، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكسر خاطر امرأة يومًا بل كانت معاملته للمرأة معاملة خاصة كلها رقي، كما أن القرآن كرر كثيرًا جبر خاطر المرأة في قصة مريم وأم موسى وأم مريم وقصة زوجة فرعون، وعليه فإنه يجب على المسلم الا يكسر خاطر امرأة، فجبر الخواطر أجره عند الله، وكسرها يغضب الله.
وأن كسر خاطر المرأة أمر عظيم عند الله، لأن الإنسان عند الله عظيم، خاصة إذا كان في محل رحمة الله سبحانه وتعالى، لذا عندما كُسر خاطر السيدة عائشة في حادثة الإفك أنزل الله سبحانه وتعالى قوله: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}، فإذا كسرت خاطر أي إنسان خاصة المرأة يكون صدق فيك قول الله تعالى وتحسبونه هينًا.
ذلك الحب الكاذب..