طريق من الأمل
طريق من الأمل
بقلم
د.أحمد أمين
طريق من الأمل
أنهيت عملي اليوم فى وقت متأخر
الليل خيم على الشوارع وزخات المطر جعلتها لامعة
ذلك المساء رائع فى كل شئ
غير أنه يذكرني بها
ربما هذا أهم أسباب روعته
لولا تلك الإرتجافة التي تستوطن قلبي
رائحة المخبوزات الدافئة تسرق عقلي
تبًا لذلك الطبيب
سأشتري المخبوزات عند عودتي ولتذهب أوامره للجحيم
في ذلك الفصل من كل عام تطوف ذكراها بعقلي
تبًا لي, وهل نسيتها يومًا ؟
أمسكت هاتفي بحركة لاإرادية ثم أعدته مرة أخرى لجيبي
لست بهذه الشجاعة على أي حال
مر وقت طويل على آخر حديث
كنت أنا كما عهدتني
متصلب الرأي وأفتقر لقواعد الذوق البسيطة
وهي كما هي
طفلة تكاد البراءة أن تقفز من وجنتيها
تشبه اللوحات الإغريقية وتماثيل مايكل أنجلو
وأنا مثل لوسيفر لا أعبئ برقتها المتناهية
يومها كانت صامتة ونظرات عينها تتوسل إلي
لا ترحل
ولكنني رحلت
بربك هل رأيت من هو أكثر وقاحة مني
هل تخيلت أن يستجديك ملاك قابع على أغصان الزيتون ثم تعصره عصرًا براحتيك الغليظتين
مازال طريق العودة طويل والشوارع خالية
ونسائم محملة برذاذ الأمطار تضرب وجهي
قلبي يعتصره البرودة ولا علاقة لكانون الثاني بذلك
ثم فجأة توقفت
سأغير طريق عودتي
قررت أن أعرج على ناصية منزلها
وحجتي الواهية أنه طريق مختصر
ولكنه ليس كذلك
مررت من تحت شرفتها
وتوقفت لأشعل لفافة تبغ
تبًا لذلك الطبيب, سأتوقف أيضًا لشراء بعض المخبوزات عند وصولي
ثم وجدتها
كانت تقف فى شرفتها
جميلة كما عهدتها
بل أكثر جمالًا مما رأيت يومًا
الزمن يجري علينا فنتغير وهي تزداد مع مرور الأزمان حلاوة … وإنطفاءًا
عجيب أمرنا حين نملك كل شئ
ولكننا لا ندرك قيمة ما نملك إلا عندما نفقده
وددت لو توسلت لها وإنحنيت على ركبتاي كي تصفح عني
وتغفر لي
لولا كرامتي
تبًا لكرامتي وتبًا لطبيبي وتبًا لكل شئ
ماذا تفعل الكرامة لمن فقد الروح
وما قيمتها بدون من نحب
وما قيمتنا نحن بدونه
أمسكت هاتفي وأرسلت لها رسالة نصية
أنا أحتاج إليكي
ورأيتها وقد سطعت شمسها ولمعت أعينها
تمسك هاتفها في فرحة وترد في سرعة
تحادثنا وكأننا لم نفترق
وكأن الزمن قد عاد بنا إلى حيث افترقنا
وأخبرتها أني تحت شرفتها
وشعرت بدفئ قلبي يعود من جديد
ألم أخبركم من قبل أن كانون الثاني برئ من برودته
ليتنا ندرك قيمة ما نملك قبل أن نفقده
ليتنا لا نرحل
ولن أشتري المخبوزات
بقلم
د.أحمد أمين