قصة

همس الليل

جريدة موطنى

همس الليل

 بقلم ناريمان همامي                                          

 ‏

 ‏هبت نسائم الأمل تبعث أريجا مريحا في الجو و هل الليل يزيح أخر أشعة للشمس مودعة الكون بعد أن ذبحها الأفق و جعل دم الشفق يتناثر بين طيات الفضاء , سرت قشعريرة بجسدها و أخذت تتلحف بلحافها القطنية حتى تدفئ روحها التي تترتعش بردا ووحشة من غربتها فهي غريبة وسط عائلتها , وحيدة رغم وجودهم حولها,تقبع في غرفتها تتناسى وجودهم و ترغب لو تغيب عن أنظارهم الى الأبد , في بعض الأحيان يكون أقرب الخلق لنا سببا لأوجاعنا فهم يقولون المجروح من عائلته لا يشفى أبدا, كانت تردد دائما هذه الكلمات حتى صارت حقيقتها و قد ساعدها الشيطان في ترسيخها داخل روحها , ما تفتأ هذه الفتاة على ارهاق نفسها فقط تسعى لإضعاف روحها حتى تصبح أقوى و أقوى كي يتسنى لها أن تمضي قدما وهي وحدها لا تنتظر أحدا و لا يتستقيم بأحد فقط تساعد نفسها بنفسها , فتاة عنيدة و ذات قوة غريبة رغم ملامحها البسيطة و المريحة و رغم طباعها المرحة في بعض الأحيان إلا أنها متميزة و نادرة , تجد نفسها سرا لقوتها و لعنادها دور في نجاحها و سر جموحها تلك المشاعر المتضاربة داخل جوارحها متمردة و مجنونة و عاقلة و طيبة و شريرة قد جمعت كل هاته الصفات و لخصت في شخصية غامضة كبحر حندس الذي ذكر في الأساطير , تختلف طباعها و شخصيتها و لم تتسم بأي صفة من صفات إسمها ” همس” تلك الثورة المتجسدة في جسد إمرأة لا تعرف للهمس طريق فهي يا إما تكون صامتة صمت القبور أو ثائرة كعاصفة لا تعرف الهدوء , فتاة ذات كبرياء و عزة نفس قاتلة لن تتنازل عن شي و إن مسست بكرامتها و قللت من قيمتها تركت تتخبط في مكان دون أن تراك حتى و إن كنت موجودا , عشرينية بقلب تسعينية ترى في ملامحها التي يكتسحها البرود تارة أمارات قلق و ريبة تشع عيناها بوميض غريب لا تعرف سر أهو خبث و مكر؟ أما ذكاء ؟ تصمت عندما يجب أن تتكلم و تفرغ ما في جعبتها تتصرف عكس المتوقع دائما لا علاقة لها بالمتوقع تتصرف حسبما يمليها عليها قلبها و عقلها معا و ليس لها عادة تمييز أحدهما على الأخر و لا تملك تلك الحروب و الصراعات التي يعيشها البشر في اختيار أمر يخص قلبها أو عقلها فهما عندها متفقان لو لم يكن لله شأن في خلقه و لما كان كل شخص خلقه الله في أحسن تقويم لقلنا أنها ليست من بني الإنس و لا الجن و لكن سبحان من زرع فيها إختلافا تعجز عن تقبله البشرية و لهذا هي وحيدة هادئة هدوء الليل المظلم الذي يعيش داخلها معززا عليها حراسته خائفا من قبص نور يبدده و هكذا أطلق عليه همس الليل ……

همس الليل

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار