الكلمة أمانة يسأل عنها المرء . فإن الكلمة سهلة المخرج على اللسان، غير مأمونة العواقب على الإنسان، ولكنها سلاح ذو حدين، وعلامة مفترق على طريقين . أولا :- إن كانت طيبة كانت عظيمة النفع . ثانيا :- إن كانت خبيثة كانت شديدة الضرر . والمسلم وهو يتعامل مع الناس يفتقر إلى الكلمة الطيبة ، في كل معاملاته ، ولاسيما التعامل الفكري القائم على الحوار والدعوة والتربية والتعليم فإن افتقاره إلى تلك الكلمة أشد . وإن المتأمل في واقع التعامل الفكري بين المسلمين عموماً يجد مناهج مختلفة وأساليب مضطربة، فهذا يجنح إلى الكلمة الغليظة الفظة ، وذاك يجنح إلى الكلمة الملتوية والأسلوب المراوغ ، وثالث يجنح إلى الكلمات الجارحة ، و رابع يهوي إصدار الأحكام الصارمة بلا هوادة ، من صحة وبطلان ، وتحليل وتحريم ، وتكفير و تفسيق لا عن علم وبصيرة ، ولكن من منطلق الأهواء والعواطف . والمسلم العامي يقف محتاراً بين هذه المناهج والأساليب ، إذ كلٌ يدعي أنه صاحب الحق وغيره على الباطل ، فكيف يعرف الحق وأهله ؟ إذن فالكلمة لها قيمة ولها آثار وتبعات . 💥أهمية الكلمة في الإسلام 💥
الكلمة أمانة :- يسأل عنها الإنسان يوم القيامة سواء بالكلام أو الكتابة ، وفي هذا السياق يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه :- «إذا أراد أحدكم الكلام فعليه أن يفكر في كلامه ؛ فإن ظهرت المصلحة تكلم ، وإن شك لم يتكلم حتى تظهر ». فكم من أسر تفككت بسبب كلمة قالها الزوج أو قالتها الزوجة ، وكم من علاقات اجتماعية كعلاقة الصداقة تهدمت بسبب كلمة ، وأعظم من ذلك كم من حروب نشبت بين الدول والجماعات بسبب كلمة قيلت هنا أو هناك ، ولذا في كل الأحوال كان الصمت أبلغ من الكلام في توصيل الأفكار والمشاعر والأحاسيس للطرف الآخر ، والصمت صفة جليلة في الشخصية الإنسانية تدل على رجاحة العقل واتزان الشخصية ، امتلاك الإنسان لسانا يتكلم به أو قلما يكتب به لا يعني أن يطلق العنان لهما في كل شيء ، و قديما قيل :- « لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك ». نعم ، الصمت هو العلم الأصعب من علم الكلام ، يصعب أحيانا تفسيره وهو أفضل جواب لبعض الأسئلة ، وفي تراثنا الإسلامي قيل قديما إن الصمت إجابة رائعة لا يتقنها الآخرون ، وأفضل ما قيل عنه نذكر ما قاله سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم :- « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ». ويقول الإمام الشافعي رضي الله عنه :- قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم إن الجواب لباب الشر مفتاح والصمت عن جاهل أو أحمق شرف . وفيه أيضا لصون العرض إصلاح . 💥الكلمة في حياتنا :- في زماننا هذا ، ما أكثر من يتكلمون على المنابر ، ويكتبون في الجرائد جاعلين من أنفسهم أوصياء على المجتمع وقضاياه ، كلامهم لا يرد ، و كتاباتهم في أعمدة الجرائد يوميا حكم ومواعظ يتكلمون ولا يسمعون ويكتبون ولا يقرأون ، يهدمون المجتمع من حيث لا يشعرون و يزرعون الفتن والانقسامات والكراهية بين الأفراد والجماعات من حيث لا يعلمون ، والبعض منهم لغرض في نفس يعقوب ! وفي كل الأحوال هي ثقافة اكتسبوها تجعل من الحوار لديهم يسير في اتجاه واحد . 💥الكلمة في حياتنا الإجتماعية :- تعالوا معي نطبق هذا الكلام على بعض المواقف من حياتنا الاجتماعية أ- في الأسرة :- نجد الآباء هم الذين يوجهون النصائح والمواعظ إلى الأبناء ، الذين عليهم أن يسمعوا فقط . ب- في المدرسة :- المعلم هو الذي يلقن ويشرح والطلاب يسمعون ولا يسمح لهم بالإجابة إلا عند السؤال . ج – في مواقع العمل :- المدير هو الذي يتكلم وعلى الموظفين أن يسمعوا فقط ، وقس على ذلك بقية المواقف في حياتنا الاجتماعية . 💥مما سبق يتضح لنا :- ما أحوجنا في هذا العصر إلى التماسك والتآلف ، وأن نمسك ألسنتنا و أقلامنا عن جوارح اللسان و مزايدات الأقلام التي تباعد ولا تقارب وتهدم ولا تبني ! أحبتي في الله هيا نبدأ معا قبل دخول أيام الحج المباركة ويوم عرفة الذي ننتظره بشوق نجعلها بداية كي نجعل كنترول لكل منا علي كلامه . ويكون شعارنا جميعا لنقل خيراً أو نصمت . نحبكم في الله لا تنسونا من صالح الدعاء.