الرئيسيةمقالاتأفكار بصوت مرتفع
مقالات

أفكار بصوت مرتفع

أفكار بصوت مرتفع

أفكار بصوت مرتفع

بقلم: زينب كاظم 

الأبواب البغدادية القديمة 

سنتحدث في هذا المقال عن موضوع قد يراه البعض موضوعا تأمليا أو شخصيا لكنه موضوعا تراثيا وله بعدا فليكلوريا ونظرة عميقة الا وهو الأبواب القديمة التي تصادفنا عندما نسير في بعض الشوارع وبعض الأماكن ،وكلما مررنا بأحد هذه الأبواب القديمة أو نرى فيها أقفالا قديمة نطرح على أنفسنا بعض التساؤلات ومن هذه الأسئلة كم أسرة مرت على هذا البيت وكم أسرة عاشت خلف هذه الأبواب ومن هو لا زال على قيد الحياة ومن هو رحل عن هذه الدنيا وأين هم حاليا وهل لا زالوا يعيشون في نفس البلد ولكن لا أحد يعرف هذه الأجوبة الا تلك الأبواب المتهالكة وأقفالها التي توضح من خلال منظرها كم هي قديمة وكم مدة من الزمن هي متروكة .

نحن شخصيا نعشق الأبواب القديمة ودوما نصورها وهذا الأمر بدأنا به منذ سنوات عديدة مضت منذ كنا نمر بالصدفة على أبواب بيوت سكناها لسنوات طويلة ومن ثم تركناها وتركنا معها طفولتنا وصبانا وذكرياتنا ،وفي أحد المرات التقطنا صورة بجنب أحد الأبواب القديمة المتهالكة جدا ولا ندري حتى هل هناك من لا زال يسكن خلفها أم لا لكن ما لفتنا حقا هو بعض قطع الكعك والخبز القديمة والمتيبسة داخل كيس وهذا الكيس أعطانا إحساسا غريبا بأنه إشارة وتأكيدا أنه ربما كان هناك عائلة قديمة سكنت هذا المنزل وأنه متروك منذ عقودا على الأقل واعطانا إحساسا آخر أنه ربما كان هناك أناس سكنوا خلف هذا الباب ومن ثم غادروه وتركوا قصصا

 وحكايا وأسرار خلفهم وبقي ذلك الباب القديم مجرد واجهة لتلك القصص والحكايات والذكريات التي كانت مختبئة خلف ذلك الباب وبما أنه قطع الكعك والخبز متيبسة ومتروكة في كيس رأينا أنه حرام تركها على الأرض كونها نعمة الله علقنا الكيس على قفل الباب بشكل محكم والتقطنا صورة لذلك المنظر الذي يثير شجن ويحرك عبرة ويطلق دمعة كذلك وجدنا يوما ما محفور على أحد الأبواب تأريخ مضبوطا بالسنة والشهر واليوم بل وحتى الساعة والدقيقة ورغم أن التأريخ قديم جدا لكن الباب كان أقدم بكثير و واضح أنه هناك ترميم بسيط وزخرفة جديدة قام بها أحدهم لكن السؤال هو ما هذا التأريخ هل هو تأريخ زواج أم تأريخ خطوبة أم تعارف أم نجاح وفخر أم عيد ميلاد أم خبر مفرح أو ربما التأريخ الذي رحل أهل الدار منه إلى مكان آخر أو اليوم الذي سكنوا فيه ،أن الفكرة الأساسية من تصوير الأبواب ليس شرطا أن يكون لهدف معين أو غاية محددة هو ربما فقط محاولة إيصال فكرة على أنه بغداد تحديدا لأنها مكان سكننا ولأن الأبواب هذه بغدادية لا زالت جميلة ولا زالت محتفظة بماضيها الذي نبحث عنه وأن أصغر باب من تلك الأبواب عمره على الأقل سبعين أو ثمانين عاما ،رسالتنا لكل شاب أو شابة أو أي إنسان أنه عندما ترون أي باب قديم يجب أن تتذكروا أنه هذا المكان موجود منذ ألاف السنين لأنه ليس مجرد باب بل هذا تأريخ وحضارة وهذا ثقافة بلد عريق جدا وهذه الأبواب لا نعرف من خرج منها يوما من الأيام لربما شاعرا مهما أو كاتبا وأديبا مرموقاً أو ربما عالما أو معماريا مهما ،أن الأبواب القديمة ليست مجرد قطعة خشبية أو حديدية نراها ونمر عليها والسلام بل هي قصصا كبيرة وهي جزء من الموروث العراقي ،ونتمنى من كل شاب عراقي عندما يرى شيئا قديما يحاول توثيقه بشكل أو بآخر لأنه ليس مكانا فقط لأن هذا المكان القديم كان يوما ما تأريخا رائعا وذكرى جميلة لا تنسى لذلك يجب توثيقها للأيام القادمة وللأجيال.

عندما نمر على أبواب بيوتنا التي عشنا فيها يوما ما ينتابنا شعور غريب لا نعرف أن نحدده هل هو وفاء أم حنين أم شوق لطفولتنا أم لذكرياتنا أم لقصص حبنا التي طواها الزمن لكننا نعرف أسرارها لأننا عاصرناها أما الأبواب القديمة الأخرى عندما نراها أو ندخل تلك البيوت والاماكن يطالنا شعورا أغرب هل هو فرح أم حزن أم فضول لمعرفة أسرارها وتأريخها لأن لكل إنسان بصمة روحية تختلف عن الأخر وذكريات عالقة في باله وطاقة خاصة به .

أفكار بصوت مرتفع

أفكار بصوت مرتفع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *