المقالات

إتخاذ المواقف في ذات الله

جريده موطني

إتخاذ المواقف في ذات الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، إن الولاية لله تعالي تعني اتخاذ المواقف في ذات الله عز وجل، وهو تحديد المواقف، من الناس ووضع الإمكانيات المادية وغيرها في سبيل الله وتحقيق ولاية الله تعالي ومثال ذلك هو قصة إسلام ثمامة، فقيل أنه لما أسلم قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، صلي الله عليه وسلم، يا محمد ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ، والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليّ، وهذا كله تم في لحظات الإسلام، وهذا الفرق بين إسلام الأوائل وإسلام الناس اليوم.

 

ففي لحظات يدخل في دين الله تعالي، تقوم مقتضيات الولاء والبراء في نفسه، فيحب رسول الله صلي الله عليه وسلم، ودين رسول الله صلي الله عليه وسلم، وبلد رسول الله صلي الله عليه وسلم أكثر من أي شيء آخر، ثم استأذن رسول الله صلي الله عليه وسلم في العمرة، فشجعه عليها، فماذا قال لما ذهب إلى كفار قريش في مكة، وهنا اتخاذ المواقف وتحديد المواقف من أعداء الله، ووضع الإمكانيات نصرة لله وولاية لله، قال ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة، وكانت اليمامة تصدر الحنطة إلى مكة، حتى يأذن فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم وضع إمكانيات البلد كلها موطنه في سبيل الله ولاية لله ونصرة لله، فمن من الناس اليوم يضع إمكانياته في سبيل الله، ومن من الناس يستشعر.

 

وقيل أنه لما أمر الله تعالي نبية موسى وهارون عليهما السلام بالذهاب إلى فرعون لدعوته طمأنهما فقال لهما ” لا تخافا إنني معكما أسمع وأري” وقد قال بعض السلف لأخيه “إن كان الله معك فمن تخاف، وإن كان عليك فمن ترجو؟” فلا تحزن إن الله معنا قد قيلت في أحلك الظروف، وأشد المواقف، فيحتاجها المسلم في كل آن فاشدد يديك بحبل الله معتصما به فإنه الركن إن خانتك أركان، فيحتاجها المسلم في كل آن فإذا تكاثف همك، وكثر غمك، وتضاعف حزنك فقل لقلبك لا تحزن إن الله معنا، وإذا ركبك الدين، وأضناك الفقر، وشواك العدم فقل لقلبك لا تحزن إن الله معنا، وإذا هزّتك الأزمات، وطوّقتك الحوادث، وحلت بك الكربات فقل لقلبك إن الله معنا، ولو وقفت الدنيا كل الدنيا في وجهك.

 

وحاربك البشر كل البشر، ونازلك كل من على وجه الأرض فلا تحزن لأن الله معنا، وهؤلاء الذين يركبون البحر فيسافرون كان لهم في الماضي شأن عجيب، وكانت تحل بهم النكبات والعواصف، فتكاد أن تغرقهم، ولما سار المركب من الحديدة سكن الهواء إلى ثلاثة أيام، ولم يتحرك المركب خطوة من محل القيام، وبعد ذلك هبت الريح الأزيز، وجاء الغيم والمطر بالليل، ورجع المركب إلى عقبه، وسار إلى غير صوبه، فمكثنا بهذه الحالة في البحر إلى أيام آيسين من الوصول إلى المأمول، وضاقت علينا الأرض بما رحبت، من طول الركوب ومخالفة الهواء، وقلة المطعوم والمشروب، وبلغت الأنفس التراقي، وكانت الأيدي إلى السماء مرفوعة، ثم سمع الله دعاء الآيسين، وهبت لنا ريح طيبة من رب العالمين إلى يومين، وكانت ضعيفة.

 

ولكنها أخرجت المركب من مجمع الجبال المستغرقة في الماء إلى ساحل النجاة، ولما قربنا من جدة، قرب المركب ليلا إلى جبل في الماء، ومن أخطر الأمور أن يقترب المركب إلى جبل في الماء، فاضطرب له المعلم اضطرابا شديدا، وربط أشرع السفينة، وعمل كل تدبير خطر له بالبال، وأنزل الملاحون أقرب قوارب السفينة وسعوا إلى جوانبه، وعلموا أن المركب لو سارت قليلا لتصادم بالجبال، فمضى هذا الليل في غاية الاضطراب، وتمت تلك الليلة بالاستغفار، وإخلاص النية، والتوبة، وكلمة الشهادة على الألسن، وسلموا أنفسهم للموت، وكان رحمة الله علينا بالسلامة حتى طلع الفجر، وشاهدنا ذلك الجبل في ضوء النهار.إتخاذ المواقف في ذات اللهإتخاذ المواقف في ذات الله

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار