المقالات

الدكروري يكتب عن عفا الله عما سلف

الدكروري يكتب عن عفا الله عما سلف

الدكروري يكتب عن عفا الله عما سلف

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن عفا الله عما سلف

إن الرماة الذين أخطؤوا الاجتهاد في غزوة أحد لم يخرجهم الرسول صلى الله عليه وسلم خارج الصف، ولم يقل لهم إنكم لا تصلحون لشيء من هذا الأمر بعدما بدا منكم في التجربة من النقص والضعف بل قبل ضعفهم هذا في رحمة وعفو، وفي سماحة، ثم شمل الله سبحانه وتعالى برعايته وعفوه جميع الذين اشتركوا في هذه الغزوة، على الرغم مما وقع من بعضهم من أخطاء جسيمة، وما ترتب عليها من خسائر، ونقول لكل من أخطأ واجتهد، أو فرّط في ثغر كان عليه، وحمى كان يحميه، أو ترك مكانا شاغرا بعده سواء كان عملا تربويا أو غيره من اهتمامات جادة شرعية، عُد فالعود أحمد، وعفا الله عما سلف، عُد بهمة تعلو الجبال، وطموح يتجاوز الزمن، وعزيمة تفل الحديد، مستشعرا معيّة الله لك، مستعظما الدور الذي تقوم به، مستصغرا العقبات والعواقب.

 

مؤثرا الآخرة على الدنيا، فيقول تعالى ” والآخرة خير وأبقى” وإن المجتمع المسلم مجتمع موحد لا يشرك بالله شيئا، يستمد فلسفته الكليةَ عن المنشأ والغاية والمصير من دينه الإسلامى، وهو مجتمع متعبد، يصل الإنسان بربه في صلاته وزكاته وصيامه، وهو مجتمع أخلاقي يؤمن بالخُلق والفضيلة إيمانه بربه وشريعته، وهو مجتمع إنساني يحترم كرامة الإنسان وحريته وحرماته وحقوقَه، ويصون دمه، وعرضه، وماله، وعقله، ونسله، من خلال قيم إنسانية سامية، طالما تطلعت إليها البشرية الراقية، ومن هذه القيم الشورى، التي صارت معلما بارزا في حياتنا، والشورى صفة من صفات المؤمنين، ذكرها القرآن مقرونة بمجموعة من الصفات الأساسية للمؤمنين، وذلك في إحدى السور المكية، وهي سورة الشورى، فقال تعالى ” وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون” 

 

وقال تعالى أيضا ” والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون” والشورى هي ألا ينفرد الإنسان برأيه في الأمور التي تحتاج إلى عقول أخرى لتشاركه، فرأى الجماعة أدنى إلى إدراك الصواب من رأي الفرد، والشكل العام الذي تتم به الشورى ليس مصبوبا في قالب حديدي، بل هو متروك للصورة الملائمة لكل بيئة ولكل زمان، والنظم الإسلامية كلها ليست أشكالا جامدة، وليست نصوصا حرفية، ولكن المهم هو تلك الروح الإيمانية التي تسرى في هذه النظم فتحقق هذا المبدأ في حياة المجتمع فاحترام الشورى والنزول على حكمها فيما لا نص فيه، هو من صفات المؤمنين، أما إذا كان هناك نص، فلا اجتهاد مع النص، وهذا هو الفرق في تطبيق الشورى بين مجتمعنا الإسلامي وبين المجتمعات الغربية. 

 

فقد ألغت بعض الدول عقوبة الإعدام نزولا على رأى الأغلبية عندهم، أما نحن المسلمين فنقول إنه لا شورى مع كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نعم بعيدا عن دوائر النصوص تتفاوت الأنظار، وتتعدد الآراء، أما إذا وجد نص، فلا شورى، ولا اجتهاد مع النص، والإنسان في أي موقع من المواقع، مهما بغلت درجة خبرته وعمله، فإنه دائما يحتاج إلى مشورة الآخرين ليصل إلى الرأي الأصوب، فالطبيب الحاذق الماهر، مهما بلغت شهرته وذاع صيته، فإنه أمام بعض الأمراض يحتاج إلى مشورة غيره من الأطباء من ذوي الاختصاص لتتحقق الفائدة المرجوة للمريض، وكذلك الفلاح في حقله، والصانع في مصنعه، والمهندس في موقعه، وغيرهم، كل مفتقر إلى المشورة التي تفتح مغاليق الأمور فإن الأفراد متفاوتون في مداركهم وثقافتهم. 

الدكروري يكتب عن عفا الله عما سلف 

الدكروري يكتب عن عفا الله عما سلف

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار