الأسباب التي تعين على الصبر
الأسباب التي تعين على الصبر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا وباعث الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل،
والحمد لله الذي رضى من عباده باليسير من العمل، وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل،
وأفاض عليهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفيه وحبيبه
أما بعد إن هناك أسباب تعين على الصبر وتقويه ومنها هو التفكر في عظم فضل الصبر وكثرة ثوابه في الآخرة
حيث قال الله تعالى ” إنه من يتقي ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ” وكذلك التفكر في شدة العذاب يوم القيامة لمن فرط في الصبر
وأتبع نفسه الشهوات فقال عبد الرحمن بن محمد القاري جلس إلي يوما زيادة مولى ابن عباس.
فقال لي يا عبد الله قلت ما تشاء قال ما هي إلا الجنة والنار، قلت لا والله ما هي إلا الجنة والنار،
قال ما بينهما منزل ينزله العباد فقلت ما بينهما منزل ينزله العباد، قال “فوالله لنفسي نفس أضن بها عن النار وللصبر اليوم عن معاصي الله خير من الصبر على الأغلال في نار جهنم”
وكما أن من الأسباب التي تعين على الصبر وتقويه هو تقوية الحياء من الله فكيف يعصي العبد سيده الذي خلقه وهداه وأكرمه وميزه عن سائر المخلوقات
وكيف يستعمل نعم الله التي وهبها الله له في معاصيه فقال ابن القيم ذكر للصبر عن المعصية سببين وفائدتين،
أما السببان فالخوف من لحوق الوعيد المرتب عليها والثاني الحياء من الرب تبارك وتعالى أن يستعان على معاصيه بنعمه
وأن يبارز بالعظائم وأما الفائدتان، فالإبقاء على الإيمان والحذر من الحرام.
وإذا أيقن العبد أن الله تعالي ينظر إليه ويسمعه ويراقبه استحيا منه،
وكما أن من الأسباب التي تعين على الصبر وتقويه هو الإستعانة بالله تعالي على الصبر
فقال النبي صلى الله عليه وسلم “من يتصبر يصبره الله” متفق عليه،
ومن إستعان بالله تعالي يسر له الشدائد وهون عليه الأمور وأزال عنه العقبات،
وكما أن من الأسباب التي تعين على الصبر وتقويه هو دعاء الله وسؤاله تيسير الصبر عند نزول البلاء،
أما حال العافية فيدعو بإتمام العافية والستر ودوام النعمة،
وكما أن من الأسباب التي تعين على الصبر وتقويه هو محبة الله وخشيته فإن محبة الله تعالي تحمل المؤمن على الصبر على الطاعة وخشيته تحمله على الصبر عن المعصية وعلى المصيبة
فكلما قويت الخشية والمحبة قوي الصبر حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
“نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه” فالمحب الصادق يوافق هوى محبوبه ولا يخالف مراده،
وكما أن من الأسباب التي تعين على الصبر وتقويه هو التأمل في صبر الأنبياء والصالحين وأخذ العبرة وإستنهاض الهمة،
فيتأمل في صبر النبي أيوب عليه السلام على البلاء
وصبر النبي يوسف عليه السلام عن المعصيه
وصبر خاتم النبيين محمد صلي الله عليه وسلم على القيام بالدعوة إلى الله وتحمله المشاق والأذى في سبيل الله تعالي،
فاتقوا الله وأعينوا إخوانكم، وتواصوا بالحق والعدل، وتعاونوا على البر والتقوى،
فلن يبقى للإنسان إلا عمله، والمرء حي بسجاياه وإن كان موسدا مع أهل القبور في لحده،
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.