التعلق بالعلوم الشرعية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، هلمّ نبدأ بالتغير من ذواتنا، تعالوا نبث الخير في أبنائنا الذين طالما تركناهم رهن رفقاء السوء وأمام الشاشات التي تبث التحلل الأخلاقي، وتنشر العقوق والعصيان، ألم يحن الوقت أن نأخذ بأيديهم إلى كتاب الله، لنعوض بهم ما فاتنا، ولنصلح بهم ما تلفناه، لعل الله أن يصلح بهم البلاد والعباد وأن يجعلهم ذخرا لنا، واعلم أخي الكريم أن الله تعالى سائلك عن برك بولدك قبل أن يسأله عن بره بك لأن الله تعالى جعله أمانه في يديك كعجينة الصلصال تشكلها كيف شئت، إن قومته إستقام، وإن اعوججت به انحرف ومال، وكذلك إن قمت على حسن تربيته وتقويمه، فلك جزيل الأجر وعظيم الثواب.
فهو لك بمثابة صدقة جارية وخيرا لا ينفض، أما فيما يتعلق بتعليمه القرآن الكريم على وجه الخصوص، فله جائزة من نوع خاص، وفضلا مميزا لا مثيل له، فعن بريده رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حليتين لا تقوم بهما الدنيا، فيقولان بم كسينا؟ فيقال بأخذ ولد كما القرآن” رواه الحاكم، وعن معاذ بن أنس الجهني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجا يوم القيامة ضوؤه مثل ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا” رواه احمد، ذلك فضلا عن الخيرية والأفضلية التي ينالها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”
أما فيما يتعلق بما أعده الله تعالى من الثواب والفضل لمن تعلم القرآن، فلا يتسع المقام لذكرها، فيا أخي الفاضل، الا يكفيك فضلا أن تكون أنت وابنك من الأخيار، ألا يكفيك أن تقر عينك وأن ترى قرة عينك وفلذة كبدك وثمرة فؤادك وهو يتقدم الناس ويفضلهم، فلاشك أننا نتمنى لقرة أعيننا وثمرات أفئدتنا أن يكون التفوق حليفهم والنجاح حظهم، فالسبيل المضمون إلى ذلك هو فهمهم لكتاب الله وحفظهم له وتدبرهم آياته، فقد أكدت الابحاث على أن هناك تناسبا طرديا بين تفوق ونجاح الطفل في حفظه وإدراكه لكتاب الله، وبين تفوقه ونجاحه في المواد الدراسية المختلفة، فالقرآن الكريم ينمي مدارك الطفل يوسع آفاقه العقلية، ويؤدي إلى سرعة النمو اللغوي، وتقوية ملكة التعبير لديه، ومن أهم المناشط لتنمية الذكاء، وحفظ القرآن وإدراك معانيه يوصل الإنسان إلى مرحلة متقدمة من مراحل الذكاء.
وهذا ما دعا الأسلاف إلى إشتراط تعلم القرآن قبل الإلتحاق بمجالس العلم وحلقاته، فيما يتعلق بالعلوم الشرعية وغيرها، لذلك نجد كبار العرب وأذكياءهم وعلماءهم وأدباءهم، وفلاسفتهم وقاداتهم البارزين من حفظة القرآن، وكذلك النابغين في العصر الحديث كانت مراحل تعليمهم الأولى في الكتاتيب لأن تعلم القرآن من العوامل الأساسية التي توسع الفكر وتنمي الإدراك، فتعلمه يؤدي إلى تنمية الذكاء بدرجات مرتفعة، وهذا الإمام ابن تيمية يحال بينه وبين الكتب في محبسه بالقلعة، فيتفرغ للقرآن، فيقول عن هذه التجربة قد فتح الله على في هذا الحصن في هذه المرة من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء كان الكثير من العلماء يتمنونها، وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن، ويحكى إقبال في روائعه قصته مع القرآن قائلا كنت تعمدت أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح كل يوم، وكان أبي يراني، فيسألني سؤاله، فأجيبه جوابي.
وذات يوم قلت له ما بالك يا أبي، تسألني نفس السؤال من غد؟ فقال إنما أردت أن أقول لك يا ولدي، اقرأ القرآن كما نزل إليك، ومنذ ذلك اليوم بدأت أتفهم القرآن وأقبل عليه، فكان من أنواره ما إكتسبت ومن درره ما نظمت، والقرآن الكريم بمثابة حصن منيع ودرع واق لكل ما يتهدد الطفل ويؤثر على تكوينه النفسي والإنفعالي.
التعلق بالعلوم الشرعية