الحكايه والرساله
المخدماتى
د إبتسام عمر
تحكى صديقتى وهى تسمع ليه يا زمان والدموع فى عينيها , كنا نعيش فى قريه صغيرة من قرى الصعيد وحياتنا كانت بسيطه أب متعلم وأم متعلمه وهذا فى القرى زمان كان تًميز كنت بحس أنى أميرة وإن أبويا هو الملك لأنه كان مسئول عن القريه كان هوه العمدة المتولى شئون القريه كلها وكنت بحب المذاكره قوى وأحب العلم وكان نفسى أكون دكتورة فى الجامعة , ولكن غلطة معظم الأباء والامهات لم يكن هناك توجيه كنت حاسه إنى لو إتوجهت صح كنت سلكت طريق أحر غير الذى سلكته ,ليس هناك خطه ولا توجيه للأسف تركت قسم العلمى فى الثانويه العامه ,إتجهت إلى القسم الأدبى حتى أكون مع صديقاتى منذ أيام الطفولة.
وتكمل صديقتى كعادة أهل القرى فإن البنت مسيرها لبيت زوجها فهم ينظرون إلى البنات كأنها ضيفة فى بيت أبوها والمسار الطبيعى لها بيت الزوج, لا يهم التعليم ولا غيرة المهم أن تتزوج وتكون أسرة وتسعد زوجها بكل الطرق وتكون مطيعة لأهل زوجها حتى ولو على حساب نفسها , وكانت صديقتى عزيزة النفس” بنت العمدة بقى ” وكانت تذهب إلى المدرسة فى القرية المجاورة سيراً على الاقدام , لم يكن هناك وسيلة مواصلات غير ذلك وعند ذهابها صباحاً مع صديقاتها وقفت سيارة فخمة وبداخلها زميله لها فى المرحلة الثانوية ورجل وسيم وجرى صديقاتها لكى يركبوا مع هذة الزميلة ولكن صديقتى لم تجرى وظلت الزميلة هذة وأخوها يترجونها أن تركب معهم ولكنها رفضت وإستمرت فى السير.
وفى نفس اليوم جاء هذا الرجل لطلب يدها من أبيها , صديقتى لم تكن صارخة الجمال كانت عادية واثقة من نفسها وعزيزة النفس وهو ما لفت نظر هذا الرجل فأرادها زوجة تحمل أسمه وأم لاولادة , وهذا الرجل من الناحية الشكلية لم يكن يعيبه شى مركزه كبير وثرى ولكن ———ليست الأشيئاء دائماً كما تبدو.
وتمت الخطبة والزواج سريعاً فالعريس عنده كل الامكانيات المادية والاب أيضاً, ومن بداية الزواج بدأت تشعر بعدم إرتياح , فمنذ اليوم الاول وهى مطالبه بأن تخدم أهله وتنزل طول اليوم تحت فى البيت “بيت العيله ” تخدم بمعنى أن تتواجد معهم طول اليوم وتتابع البيت الكبير فى كل صغيرة وكبيرة من أكل وشرب وخلافه, وحملت صديقتى فى طفلتها الأولى وظل الحال كما هو فالزوج ليس زوج وليس رفيق درب شخص أنانى قاسى متسلط كل إهتمامه أهله فقط , وصورته أمام أهله , حتى علاقاته , أصدقائه لا تعرف عنهم شئ , وإن عرفت يكون بغرض شئ معين ,وإنشغلت هى مع المولوده الجديدة وتلاها ولد أخر ثم ولد أخر ثم بنت وإتسرق العمر بالبطىء, وهى بين الاولاد وأهله والشكل الاجتماعى , لم تعيش كزوجة وحبيبة ليس هناك مودة ورحمة حياة رتيبة كلها ملل إذا خرج معها يكون بغرض شراء أغراض المنزل ويكون كئيب ولا يحاول أن يسترضيها أو يعمل أي شئ هى تحبه ,وإذا سافرا سويا تفاجئ بأحد أصدقائة وزوجتة فالسفريه مش علشان الترفية لها ولاولادها ولكن للترفيه عن هذا الصديق وزوجتة , الكل فى خدمتهم وحتى يكتمل الشكل الإجتماعى.
ورحل الاب والام وبدأ الاولاد كل يشق طريقة فى التعليم وفى الحياة, وفى ظل التراكمات والمعاملة القاسية من الزوج والاهمال العاطفى وإحساسها أنه قام بدور المخدماتى وأحضرها لكى يتزوجها وتحافظ على كيان العائله وتكون فى خدمة الكل ولكن أين هى ————هى لم تكمل تعليمها وظلت أسيرة هذا الزوج تدور فى فلكه هو وعائلته , وبدأت تحس بالوحدة والفراغ والتوهان, وهى معى الأن تحكى وتندم على مافاتها وفقدانها الحب والحنان وأيضاً لم تحقق أحلامها.
ليه يا زمان ما سبتناش أبرياء وواخدنا ليه فى طريق ممنوش رجوع
أقسى همومنا يفجر السخرية وأصفى ضحكة تتوه فى بحر الدموع
(سيد حجاب)
والعبرة من هذة القصة وبالرجوع إلى الشريعة الإسلامية وسنة رسولنا الكريم نجد أن الزواج من أعظم الروابط الإنسانية التى تزرع المودة وتجمع النفوس على المحبة، وبه تكون المناصرة والمآزرة وتنكشف خبايا النفوس، فتتميز الأسر والبيوت، ونجد أن النبى – صلى الله عليه وسلم – يقدر المشاعر ويسمع الشكوى ويخفف الأحزان إيماناً منه بهذا، كما حدث مع السيدة صفية عندما بلغها أن حفصة قد قالت عنها إنها ابنة يهودى، فدخل عليها – صلى الله عليه وسلم – وهى تبكى فقال لها: «ما يبكيكِ؟ فأخبرته ما قالته حفصة، فقال لها مخففاً عنها «إنك لابنة نبى وإن عمك نبى وإنك تحت نبى، ففيما تفخر عليكِ» ثم قال لحفصة: «اتقِ الله يا حفصة»، كما وصفت السيدة عائشة رضى الله عنها حال رسول الله فى البيت بأنه كان يساعد زوجاته فى أعمال المنزل، فكان يخصف نعله ويغزل، فكان فى خدمة أهله ما لم يكن هناك شىء آخر يشغله، وكان تعامله مع زوجاته من منطلق الرحمة، كما كان يشاركهن المأكل والمشرب من نفس الإناء، حيث تقول السيدة عائشة: «كنت أشرب فأناول النبى فيضع فاه على موضع فيه»، وكان حليماً على زوجاته ويقابل جفوتهن بصدر رحب حتى إنه قد دخل الصديق أبوبكر رضى الله عنه وصوت ابنته عائشة يرتفع، فكان يريد أن ينهرها، فنهاه النبى – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك.
وكان لرسول الله مع زوجاته جانب ترفيهى وعاطفى، فكان يمارس الرياضة معهن، حيث كان يتسابق مع السيدة عائشة فيسبقها مرة وتسبقه مرة، فالناظر إلى سيرة الرسول يجد أنه كان يقدر المرأة ويوليها عناية فائقة، كما كانت زوجاته لا تتورعن من تمشيط شعره وتقليم أظافره، وكان صلى الله عليه وسلم يتنزه معهن، كما كان بساماً معهن، ولا يمتنع من أن يعلن حبه لهن، حيث قال معلناً عن ذلك عن السيدة خديجة: «إنى رزقت حبها»، كما كان يحافظ على ألا ينشر خصوصية زوجة من زوجاته.
إنها السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها وأرضاها-، وإن شهادة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها تجعلنا نفتخر بها كامرأة وزوجة وأم وسيدة وإنسانة قدمت الكثير وأكدت بأفعالها أنها نموذج المرأة القوية، التي تصنع نفسها بنفسها وتواجه الصعاب والتحديات, فالسيدة خديجة لم تكن إنسانة خاملة ضعيفة تمد يدها، بل كانت حديث العرب والقبائل، فالكل يحترمها ويقدرها، فقد كانت بمفهومنا الحالي امرأة أعمال، لها ثروة وتجارة كبيرة يحسب لها التجار ألف حساب، نعم، كانت امرأة ذكية قوية الشخصية ذات أخلاق عالية وكريمة حيثما احتاجها الإنسان وجدها تساعد الفقراء، وتكرم الضيف، وتؤوي المحتاج، إنها امرأة فريدة من نوعها تركت لنا إرثا ثقافيا وفكريا وأخلاقيا مازلنا نتعلم منه.
ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الأمثلة فى معاملته لزوجاته، حيث كانت معاملته لهن فيها مودة ورحمة وصبر عليهن حتى فى غضبه كان لا يضرب واحدة منهن ولا يعاقبها عقاباً شديداً، وكان يعدل بينهن فى كل شىء، ويلتمس لهن الأعذار، وهذا على عكس ما يحدث الآن من الأزواج فى زماننا هذا، وذلك لعدم تأسى الأزواج بأخلاق رسول الله، وعدم ت+طبيقهم لمعاملته لزوجاته والرجوع إلى سنته، فلو تأسوا بمعاملته صلى الله عليه وسلم ما كثر الطلاق وما وجدت المشاكل بين الأزواج، وما تفككت الأسر.
الحكايه والرساله