شريط الاخبار

الدكروري يكتب عن أهم الأسباب الموصلة لنهضة الأمم

الدكروري يكتب عن أهم الأسباب الموصلة لنهضة الأمم
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن إتقان العمل مطلوب في كل شيء، وأولى الأعمال بالإتقان هو العمل الذي يُعرض على رب العالمين، ونحن نعلم أنه إذا قيل لأحد الموظفين عملك هذا سيُعرض على المسؤول الفلاني، فسيبذل قصارى جُهده في إخراجه في أعلى معايير الدقة، فكيف ولله المثل الأعلى إذا كان العمل سيُعرض على رب العالمين؟ أليس حريّا بنا أن نكون فيه أكثر إتقانا؟ والإتقان صفة من صفات رب العالمين فهو الذي أتقن كل شيء خلقه وأحسن كل شيء أبدعه، وقال أحد السلف لا يكن همّ أحدكم في كثرة العمل، ولكن ليكن همه في إحكامه وتحسينه، فإن أحدكم قد يصلي وهو يعصي الله في صلاته، وقد يصوم وهو يعصي الله في صيامه، فكل الناس يؤدون أعمالهم، ولكن الفارق بينهم يكون في درجة إتقانهم لأعمالهم، ولأن العبرة ليست في أداء العمل فقط.

ولكن في الصفة التي أدّي بها العمل، فالمسلم مطالب بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي، لأن كل عمل يقوم به المسلم بنيّة العبادة هو عمل مقبول عند الله يجازى عليه سواء كان عمل دنيا أم آخرة، فقال الله تعالى في سورة الأنعام “قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين” والعمل الذي يقوم به الإنسان أمانة والله سائله عنه يوم القيامة، فكم من مبنى انهار، وكم من جسر تصدّع بسبب عدم الإتقان الذي ارتكبه المهندس والمقاول، وكم من أرواح فقدت وراحت هدرا بسبب عدم إتقان الطبيب، وكم من خسائر فادحة وإسرافات فاضحة بسبب عدم إتقان العمال لأعمالهم، وموت ضمائرهم، فإتقان العمل يعتبر من أهم الأسباب الموصلة لنهضة الأمم ونجاحها وفلاحها.

فالعمل حتى لو ارتبط بالكدح والعمل والتخطيط والمتابعة، إلا أنّه لن يأتي ثماره إلا إذا أتي به على الوجه المطلوب، وقد صنع الله تعالى الكون بما فيه بإتقان، وأنزل آدم إلى الأرض واستخلفه فيها ليقوم بإعمارها وإصلاحها ونهاه عن الفساد فيها، كما أوجب الله تعالى على الإنسان الإحسان، وقيل أنه كان هناك نجار تقدم به العمر، وطلب من رئيسه في العمل وصاحب المؤسسة أن يحيله على التقاعد ليعيش بقية عمره مع زوجته وأولاده، فرفض صاحب العمل طلب النجار ورغبه بزيادة مرتبه إلا أن النجار أصر على طلبه، فقال له صاحب العمل إن لي عندك رجاء أخيرا وهو أن تبني منزلا أخيرا وأخبره أنه لن يكلفه بعمل آخر ثم يحال للتقاعد فوافق النجار على مضض وبدأ النجار العمل ولعلمه أن هذا البيت هو الأخير فلم يحسن الصنعة.

واستخدم موادا رديئة الصنع وأسرع في الإنجاز دون الجودة المطلوبة، وكانت الطريقة التي أدى بها العمل نهاية غير سليمة لعمر طويل من الإنجاز والتميز والإبداع وعندما انتهى النجار العجوز من البناء سلم صاحب العمل مفاتيح المنزل الجديد وطلب السماح له بالرحيل، إلا أن صاحب العمل استوقفه وقال له إن هذا المنزل هو هديتي لك نظير سنين عملك مع المؤسسة فآمل أن تقبله مني فصعق النجار من المفاجأة لأنه لو علم أنه يبني منزل العمر لما توانى في الإخلاص في الأداء والإتقان في العمل، فلقد ندم المقاول كثيرا على تفريطه لأنه لو علم أنه يبني منزلا لنفسه لما تردد أن يضع فيه كامل عصارة خبرته، وأفضل الأدوات والمعدات، ولأعطاه ما يستحقه من وقت.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار