المقالات

الدكروري يكتب عن الإحسان في العمل

الدكروري يكتب عن الإحسان في العمل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد كانت بداية الدولة العربية الإسلامية على يدي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بوضع وثيقة المدينة والتي ألغت كثيرا من العادات القبلية لصالح دولة حضارية، وتوسعت بعد ذلك في فترة الدولة الأموية والعباسية حتى بلغت في العصر الأموي الدولة الأموية أكبر دولة في التاريخ الإسلامي، من حدود الصين وبورما شرقا وأراكان المسلمة والهند وباكستان الشرقية شرقا وحتى حدود فرنسا وإسبانيا الأندلس غربا وفي عصر الدولة العثمانية توسعت الأراضي إلى أوروبا واليونان وبعد سقوط الدولة العثمانية بدأ التوسع الأوربي في البلاد الإسلامية، وإن الأمم التي لا تتقن عملها لا تنهض من سُباتها، ولا تصحوا من غفلتها، وستأتي هذه الأمة في ذيل الأمم، وإن ديننا يحضّنا على الإتقان
، وكتاب الله عز وجل ينادي فينا ليلا ونهارا.

فيقول تعالي في سورة البقرة ” وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكه وأحسنوا إن الله يحب المحسنين” وإن الحق تبارك وتعالى خلق عباده في هذه الحياة الدنيا لا ليُكثروا العمل، وإنما ليُحسنوا العمل، وقد ذكر الله عز وجل ذلك في آيتين كريمتين من كتابه الكريم أولى هاتين الآيتين في سورة هود حيث قال الله عز وجل ” وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه علي الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن فلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين” والآية الثانية في سورة الملك، حيث قال الله تعالى ” الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور” فهل يليق بنا بعد ذلك أن نخالف أمر ربنا أو دعوة نبينا، يوم أن نفعل ذلك فلن يكون لنا عذر بين يدي الله.

فإن ديننا جعل الإتقان واجبا، فمن لم يتقن عمله، كان آثما وسيندم غدا إذا نصبت الموازين حين يرى عمله هباء منثورا، فمدار الأمر ليس على كثرة العمل، وإنما مداره على إحسان العمل وإتقانه، فالله عز وجل لا يرضى عن العامل إذا كثر عمله، وإنما يرضى عنه إذا حسُن عمله، فليست العبرة بالكثرة، وإنما العبرة بالتجويد والإتقان، ربما يعمل المرؤ عملا قليلا ويأجره الله عز وجل أجرا كبيرا، وربما يأتي العبد ربه يوم القيامة بأمثال جبال تهامة بيضا من الحسنات، فيجعلها الله هباء منثورا، ذلك أن هذه الأعمال لم تكن متقنة، ولقد حضّنا الشرع الحنيف على إتقان العمل بأساليب متنوعة، فمن هذه الأساليب أن الحق تبارك وتعالى جعل الإتقان صفة من صفاته سبحانه، فقال في وصف خلقه سبحانه وتعالي، كما جاء في سورة النمل.

” وتري الجبال تحسبها جامده وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون” وأمر به عباده، فقال سبحانه وتعالي في سورة النحل أيضا ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون” وبيّن لعباده أن أعمالهم بنظر الله، وأنه سبحانه مطلع عليها، وسيجزيهم عنها، فقال سبحانه في سورة التوبة “وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلي عالم الغيب والشهاده فينبئكم بما كنتم تعملون” وسيجزى المسيء بمقتضى إساءته، والمحسن بما يكافئ إحسانه، فقال تبارك وتعالى في سورة النجم ” ولله ما في السماوات والأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسني”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار