محليات

الدكروري يكتب عن الألفة ثمرة حسن الخلق

الدكروري يكتب عن الألفة ثمرة حسن الخلق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

أين نحن أيها الأخوة اليوم من حسن الخلق والذل والعطاء والمواساة، فلقد عرف القزويني رحمه الله معنى حسن الخلق بأنه سلامة النفس نحو الأرفق الأحمد من الأفعال، وقد يكون ذلك مع الله تعالى، وقد يكون فيما بين الناس، وقال الإمام الغزالي رحمه الله إن الألفة ثمرة حسن الخلق، والتفرق ثمرة سوء الخلق، فحسن الخلق يوجب التحابّ، والتآلف، والتوافق، وسوء الخلق يثمر التباغض، والتحاسد، والتدابر، والمجتمع المتدين يستطيع تكريس أوضاعه المدنية من خلال الانضباط الديني، الأمر الذي يزيد من إنتاجية هذا المجتمع وازدهاره، فيقول الله عز وجل في سورة النمل ” فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون” وإن المفهوم القرآني للإيمان يرتكز على عدد من المقومات.

 

من بينها أنه السبيل للقناعة والعيش الهانئ، ومن دونه يسير الجنس البشري نحو التداعي وربما الفناء، وهذا يصدق على الديانات السابقة كلها، وهذا هو ابن لهيعة قاضي مصر حين احترقت مكتبته العظيمة، واحترقت داره، بعث إليه الليث بن سعد من الغد بألف دينار، والدينار أربعة جرامات وربع من الذهب، أي أربعة آلاف ومائتين وخمسين جراما من الذهب، فإنه تشتد الحاجة إلى المواساة لأن أصحاب القلوب المنكسرة كثيرون، نظرا لشدة الظلم الاجتماعي في هذا الزمان، فهذه معلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة، وهذه أرملة، وذاك مسكين، وهذا يتيم، والآخر عليه ديون وغم وهم، وهذا لا يجد جامعة، وهذا لا يجد وظيفة، وهذا لا يجد زوجة، أو لا يجد زواجا، المواساة تطييب الخاطر بكلمة ذكر.

 

أو دعاء، أو موعظة، أو مال، أو مساعدة، أو جاه، أو قضاء حاجة، والكلمة الطيبة صدقة، وقال ابن القيم، جئت يوما مبشرا لابن تيمية بأكبر أعدائه، وأشدهم عداوة له وأذى، فنهرني، وتنكر لي، واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله، أهل الميت فعزاهم، وقال إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، فسُروا به ودعوا له، أصحاب الأخلاق العالية يواسون حتى أهل عدوهم الذي كاد لهم وحسدهم وبغى عليهم وغلبهم، وقال أحمد بن عبد الحميد الحارثي ما رأيت أحسن خلقا من الحسين اللؤلؤي، كان يكسو ممالكيه كما يكسو نفسه، فالخادم هذا جاء من بعيد، في نفسه انكسار من الغربة، فلا أقل من أن يطيّب خاطره بشيء يشعره بأن من حوله له أهل.

 

وتطييب الخواطر له أثر كبير على النفوس، يمسح المعاناة، ويصبّر، ويقوي القلب في مواجهة الشدائد، ويمنع من الانهيارات النفسية، والسكتات، والجلطات، والناس إذا ورد عليهم الوارد القوي وقلوبهم فيها ضعف ينهارون، وقد يموتون، وإن عكس تطييب الخاطر تماما هو التشفي، فترى بعض أصحاب النفوس المريضة يفرح برسوب أولاد الجار، أو تطاول الأبناء على أبيهم، أو مصيبة أحد زملائه في العمل، تفرح الضرة لما أصاب ضرتها، أو الموظفة لما أصاب زميلتها في العمل من الطلاق، كيد، وحسد يدفع للتشفي، هذه من صفات المنافقين، فقال الله تعالى فى سورة آل عمران ” إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار