مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن التفكر في خلق الله تعالى

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن التقليد الأعمى لأهل الكفر والشرك هو مظهر لا يكاد ترفع بصرك حتى تراه في مجالات كثيرة، حيث التقليد في شؤون القضاء والحكم والسياسة، والتبعية العمياء لدول الكفر والإلحاد في ذلك، والتقليد في الملبس والمظهر، حيث الشباب المخنث، والتغزل والغرام، وضحالة الثقافة والفكر، وضياع معالم الولاء والبراء في عقيدة المسلم، وحب التقليد الدائم والمستمر لكل ما هو غربي وشرقي، وهذه هي أهم معالم ومظاهر الغفلة في حياة الأمة المعاصرة اليوم، والتي ينبغي عليها أن تتخلص منها لتصحو من رقادها، وتستبين طريقها، وإلا فإن الأمة ستظل مضروبة بيد من الذل والهوان، من قِبل أعدائها.
وستظل تدور حول رحاها بلا طعام يشبعها، ولا منهج يهديها، وإن التفكر في خلق الله تعالى من أكثر الوسائل التي تدعو إلى الإيمان، وتزيد اليقين لدى الإنسان وتعرفه بعظمة الخالق ومدى علمه وحكمته، فالله عز وجل خلق السماوات والأرض بالحق، ولم يخلقهما باطلا ولا عبثا ولم يخلق شيئا سُدى ولو تأمل الإنسان وتفكر بعمق في هذا الكون وما فيه من مخلوقات لأيقن تمام اليقين أن هذا الكون مخلوق بقدر متناهي في الدقة، خلقه إله حكيم قدير عليم، قدّره أحسن تقدير ويكفي أن نتدبر في أن هذا الكون بسماواته ونجومه ومجراته، وما فيه من أرضنا وما تزخر به من بحار وأنهار وأراضين وجبال وحيوانات وأشجار قد خلقه الله سبحانه وتعالى من عدم.
لنستشعر مدى قدرة الله وعلمه وحكمته، والجبال منظومة كونية يرد ذكرها في القرآن بصيغة الجمع، فإذا ما وردت الكلمة بصيغة المفرد “جبل” فإنها تحمل إيحاء مخصوصا، فهي جبال شهدت مع الخليل إبراهيم عليه السلام كيف يحيي الله الموتى، أو جبل دُك في الأرض حينما تجلى الله له، أو جبل يخشع ويتصدع من حمل الأمانة، أو جبل ينتق فوق بني اسرائيل، ليأخذوا ما آتاهم الله بقوة، أو جبل يعتقد ابن نوح جهلا منه أنه يعصمه من الغرق وفي القرآن إشارة علمية شغلت العلماء قديما وحديثا حول وظيفة الجبال، وما معنى أنها رواسي؟ وعلى أي شيء ترسو؟ وحقيقة الجبال الأوتاد، وما هي العلاقة بين شموخ الجبال وتصريف الرياح.
وإنزال المطر، وطبيعة العلاقة بين مد الأرض وإنقاصها من الأطراف والرواسي؟ وهل الجبال تتحرك في الدنيا؟ وحين يتفكر العاقل في خلق الله يعلم علما يقينيا أن كل ما في هذا الكون عابد لربه فكل مخلوقاته تسبح بحمده سبحانه وتعالى واقدروا الله حق قدره، وانظروا في دلائل عظمته، وتفكروا في آياته وآلائه، وملكه وسلطانه، وعجائب خلقه وإبداعه لتزدادوا به إيمانا، وتخرّوا له إذعانا وخضعانا وإنه خلق هائل عجيب، وكون عظيم مهيب، شرق وغرب، وسلم وحرب، ويابس ورطب، وأجاج وعذب، وشموس وأقمار، ورياح وأمطار، وليل ونهار، وحب ونبات، وجمع وأشتات، وأحياء وأموات، وآيات في إثرها آيات، فسبحانه من إله عظيم.
أوضح دلالته للمتفكرين، وأبدى شواهده للناظرين، وبين آياته للغافلين، وقطع عذر المعاندين، وأدحض حجج الجاحدين، ولقد كشف القرآن الكريم عن جوانب من سمات الجبال، وأبدى لنا بعض أسرارها، وعرفنا بالعلاقة بين بعض المخلوقات وبين الجبال، فالنحل أوحى إليها ربنا أن تتخذ من الجبال بيوتا، وأصحاب الكهف أمرهم الله بأن يحتموا بذلك الكهف، فناموا بين أكنافه، فنشر عليهم من رحمته، وجعل لهم من أمرهم يسرا.
اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار