الدكروري يكتب عن الفتنة
الدكروري يكتب عن الفتنة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن الفتنة
لقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الفتنة دائما، فيقول صلى الله عليه وسلم “اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من عذاب النار وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ” رواه أحمد، ولم يقتصر الأمر علي الدعاء للوطن فقط بل جاء الأمر بالدعاء للحاكم والطاعة في غير معصية الله تعالى وذكره بالخير والحق والنصيحة له وأن يعينه الله ويوفقه للحكم بالكتاب والسنة قال الحسن البصري في الأمراء هم يلون من أمورنا خمسا، الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود، والله لا يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم والله لغبطة.
وقد قال أبو عثمان الزاهد فانصح للسلطان وأكثر له من الدعاء بالإصلاح والرشاد، بالقول والعمل والحكم، فإنهم إذا صلحوا، صلح العباد بصلاحهم، وإياك أن تدعو عليهم باللعنة، فيزدادوا شرا، ويزداد البلاء على المسلمين ولكن ادعوا لهم بالتوبة فيتركوا الشر، فيرتفع البلاء عن المؤمنين، ويقول الفقيه القلعي الشافعي وهو يبيّن مصالح الحاكم ومقاصد الإمامة، نظام أمر الدين والدنيا مقصود، ولا يحصل ذلك إلا بإمام موجود، ولو لم نقل بوجوب الإمامة، لأدى ذلك إلى دوام الاختلاف والهرج إلى يوم القيامة، ولو لم يكن للناس إمام مطاع، لانثلم شرف الإسلام وضاع، ولو لم يكن للأمة إمام قاهر، لتعطلت المحاريب والمنابر، وانقطعت السبل للوارد والصادر.
ولو خلي عصر من إمام، لتعطلت فيه الأحكام، وضاعت الأيتام، ولم يحج البيت الحرام، لولا الأئمة والقضاة والسلاطين والولاة، لما نكحت الأيامى، ولا كفلت اليتامى، ولولا السلطان، لكان الناس فوضى، ولأكل بعضهم بعضا، وكان الفضيل بن عياض، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهما يقولون لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان، وقال الفضيل بن عياض لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا للسلطان، قيل له يا أبا علي فسر لنا هذا؟ قال إذا جعلتها في نفسي لم تعدني، وإذا جعلتها في السلطان صلح، فصلح بصلاحه العباد والبلاد، فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن جاروا وظلموا لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين.
وقال بعض السلف إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى، وقال الإمام الطحاوي الحنفي ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله تعالى فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وقال بعض العلماء وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس، واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد وهذا غلط فاحش وجهل ظاهر، لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا.
الدكروري يكتب عن الفتنة