المقالات

الدكروري يكتب عن النعمة المزداه والسراج المنير

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الأخوة الإنسانية العامة التي أوجب الإسلام بها التعارف عندما يختلف الناس أجناسا وقبائل يجب وصلها بالمودة ، والعمل على الإصلاح ومنع الفساد ولو اختلف الناس دينا وأرضا وجنسا، بل إن بعضهم يقول ومع ذلك التاريخ السابق فإننا نحب أن أيدينا وأن نفتح آذاننا وقلوبنا إلى كل دعوة تؤاخي بين الأديان وتقرب بينها، وتنزع من قلوب أتباعها أسباب الشقاق، والحقيقة أن من تعلم العقيدة الربانية حتى تجذرت في أعماق نفسه البشرية، يعلم أن هذا الكلام مغاير لنصوص الكتاب والسنة، فأين يوجد في كتاب الله أو في سنة رسول الله القول بجواز مودة الكافر، وأين يوجد ذلك فيما سطره علماؤنا في كتبهم، أو ما طرزوه في مسائلهم، فالله تعالي يقول في محكم التنزيل ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ”

وهنا نهي صريح عن إلقاء المودة للكافرين، ويقول تعالى كذلك ” لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم” وقال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقا على هذه الآية ” أخبر الله أنك لا تجد مؤمنا يواد المحادين لله ورسوله، فإن نفس الإيمان ينافي مودته كما ينفي أحد الضدين الآخر، فإذا وجد الإيمان انتفى ضده وهو موالاة أعداء الله، ولذلك فإن هذه الآية لم تخص الذين حاربونا فقط من دونهم بل خصت الكفار أجمعين وفي هذا يقول الإمام ابن حجر العسقلاني عن هذه الآية ” البر والصلة والإحسان لا يستلزم التوادد والتحابب المنهي عنه في قوله تعالى ” لا تجد قوما” فإنها عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل.

وهذا هو الرسول الكريم محمد الرحمة المهداه والنعمة المزداه والسراج المنير، فرحمة الرسول صلى الله عليه وسلم، هنا واسعة، فهو يعلن بوضوح أن ما تركه المسلم من ميراث وثروة فهو لورثته، أما إن كان مدينا أو له عيال، فالرسول صلى الله عليه وسلم يتحمل دينه، ويتحمل تربية عياله، وفي هذا رحمة غير مسبوقة، ولا يماثلها أو يقترب منها رحمة في العالم، فهو لا يصيب من خير المؤمنين، ولكن يتحمل مشاكلهم وهمومهم وتبعاتهم، وأي الناس يتحمل مثل هذا؟ فرسول الله صلى الله علية وسلم، له علينا حقوق وواجبات كثيرة، ومنها أن نحبه أكثر من أنفسنا وأهلينا والناس أجمعين فقال صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين”

فقال صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين” أي لا يكتمل ولا يصح إيمان الإنسان إلا بهذا القدر من الحب، فنجد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للرسول صلى الله عليه وسلم “لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي” فقال صلى الله عليه وسلم “لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من كل شيء حتى من نفسك” ففكر عمر بن الخطاب رضى الله عنه مليا ثم جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له “يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء حتى من نفسي” فقال له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “الآن يا عمر” أي الآن كمل إيمانك، وكيف لا والله عز وجل يقول فى كتابه العزيز “النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم”

أي النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمحبة من نفسك التي بين جنبيك فالنبي صلى الله عليه وسلم، يدعوك إلى الجنة والنجاة من النار ونفسك تدعوك إلى النار، والله عز وجل يقول “إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم” قال “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار” ولقد تجلت لنا مظاهر رحمة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى شملت القاصي والداني، والقريب والبعيد، والصديق والعدو، والبر والفاجر.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار