المقالات

الدكروري يكتب عن حاجة الإنسان إلى السلام

الدكروري يكتب عن حاجة الإنسان إلى السلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد تعارف البشر منذ فجر التاريخ على تحايا يحيي بعضهم بعضا بها، ففي الجاهلية كان يقال أنع م صباحا، وأنعم مساء، ودمتم بخير، وغير ذلك من التحيات وفي زماننا تتردد عبارات، صباح الخير، ومساء الخير، ومشتقاتها وهذه الألفاظ وإن كانت ألفاظ خير وسلامة، لكن الإسلام يختار لأهله أعلى الألفاظ وأجملها، وأحسن المعاني وأكملها فقد اختار لهم هذه الجملة التامة ” السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ” ولقد كانت حاجة الإنسان إلى السلام أشد وأقوى من أي زمن مضى، لا سيما أن الدمار والتشريد وسفك الدماء يزيد يوما بعد يوم، فالسلام درب الفرد إلى تحقيق ذاته والاستفادة من قدراته المختلفة، وتفعيل دوره في حياته وإفادته في حياة الآخرين.

وبهذا المعنى يصبح السلام نواة لاستمرار وجود البشرية ويجدر القول أن انعدام الأمان في أي مكان سيهدم الاستقرار عند الفرد، ويقضي على مستقبل الطفولة، ويقيض آمال اليافعين، ويحرق طموحات الشباب، فتغدو الحياة أشبه بعملية ميكانيكية لا طائل منها ولا ثمرة وإن كانت تسعى بعض الدول إلى هدم دول أخرى فإن هذا المطلب وهو انعدام الأمان هو أول وسيلة تمكنها من السيطرة على المجتمع وأفراده، إذ تسلبهم القدرة على العيش الذي يرفعون به قدرة بلادهم للتطوير والازدهار، والانطلاق المستمر نحو ما تسعى إليه من تحقيق العيش الكريم، ومن أحد الأسباب التي تجعل السلام في مكانة عالية من الأهمية هو حفاظه على أموال الدول، حيث تستغل الحكومات طاقتها الاقتصادية في نهضة الشعب وتحسين مصيره، بينما في ظل الحرب يُسخر الاقتصاد لإيواء المهجرين.

وتأمين الاحتياجات الأساسية للمشردين وذوي القتلى، وإعادة إعمار ما تهدّم من أبنية ومنازل وبلدات، كما يحافظ السلام على البيئة من التلوث الذي تسببه الغازات السامة للمواد الكيماوية والقذائف واستهداف المراكز الصناعية، وما تستخدمه الحرب من أدوات شتى، ويقلل من نسبة الأمراض النفسية التي تجتاح الأفراد التي عاصرت الحروب، مثل الفوبيا والهستيريا والقلق والفصم، وإنه باختصار يحافظ على كل ما يمكن للفرد أن يستفيد منه في مجتمعه، ومن هنا يتبيّن أن السلام محور تدور قادات الشعوب حوله، لأنه يكسب المجتمعات الذي يوجد فيها عنوان، تحقيق القيم فيما بينها، والالتزام بالقوانين الإنسانية التي من ضمنها الحفاظ على الحقوق والابتعاد عن التعدي، والإخاء، واحترام الغير، والحرية، ومما يدل على هذه الأهمية ويثبت جدارتها في تحقيق المكون الأساسي.

لبناء الأوطان جاءت الديانات السماوية كلها بالحث على السلام، فكانت نشرا للتوحيد بالكلمة الحسنة والنصح والإرشاد، والتحذير من الشرك بالله تعالى، مثل قوله تعالى في القرآن الكريم ” وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم” وقد يفترض في زمن من الأزمان بعد تحقيق هذا المطلب الأسمى سؤال محير آخر وهو كيف نحافظ على السلام؟ وهنا لا بد من ربط مقوماته التي ذكرت بالاستمرارية التي تخلدها، لتكون أقرب إلى الدوام، فإن اختل عنصر من عناصره تداعى البناء وتقيضت أركانه، فإن السلام عبارة عن إنسجام البشر مع بعض البعض وبناء علاقات إجتماعية قوية بعيدا عن الحقد والصراع والعنف والخوف وذلك لأنه يترتب عليه الكثير من الأثار النفسية السيئة ويؤدي إلى تفكك المجتمع وتنمية الرغبة في الإنتقام والإيذاء، فتضيع حقوق البشر ويتخلف المجتمع عن التقدم والحضارة وتختفي معالم المستقبل.

الدكروري يكتب عن حاجة الإنسان إلى السلام

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار