الدكروري يكتب عن عاقبة المفسدين
الدكروري يكتب عن عاقبة المفسدين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن في طلب المكاسب وصلاح الأموال سلامة الدين، وصون العرض، وجمال الوجه، ومقام العز، وإن من المعلوم إن المقصود من كل ذلك الكسب الطيب فالله طيب لا يقبل إلا طيبا، وقد أمر الله به المؤمنين كما أمر به المرسلين، فقال الله عز وجل في سورة المؤمنون ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ” ومن أعظم ثمار الإيمان هو طيب القلب، ونزاهة اليد، وسلامة اللسان، والطيبون للطيبات والطيبات للطيبين، ومن أسمى غايات رسالة نبينا المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم أنه يحل الطيبات، ويحرم الخبائث، وفي القيامة يكون حسن العاقبة للطيبين، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من أكل طيبا وعمل في سنة وأمن الناس بوائقه” يعني شره، دخل الجنة” رواه الترمذي.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا، حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة” رواه احمد، وإن طلب الحلال وتحريه أمر واجب، وحتم لازم، فلن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟” وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَن ولى على المسلمين رجلا وهو يعلم أن في المسلمين أكفأ منه فقد خان الله ورسوله” فينبغي أن نختار الأكفاء، حتى تكون مؤسساتنا وحتى تكون دوائرنا مبنية على الأمانة والصدق والإخلاص ومراقبة المولى عز وجل، ولقد حارب الإسلام الفساد بجميع صوره حتى يبتعد المسلمون عن هذه الخصل الدنيئة التي لا تليق بالمسلمين فلذلك جعل عقاب المفسدين قاسيا.
وهى القتل وهذه العقوبة الشديدة للمفسدين في الأرض بجميع صور الفساد، وأن التحذير منه جاء عاما في الآيات القرآنية، والتحذير من كل صور الفساد، فلم يخصص نوعا من أنواع الفساد، حتى يبتعد المسلمون عن جميع الصور، وأن الله تعالى جعل العاقبة الحسنى لمن ابتعد عن الفساد وكان أمينا مخلصا في هذه الحياة الدنيا، فالذين ابتعدوا عن الفساد بجميع صوره هم الذين لهم الدرجات العلى في الجنة، ونسأل الله ألا يحرمنا ذلك، فينبغي أن نتعاون جميعا على محاربة الفساد، وأن نجعله قضية اجتماعية، فإن البلاء إذا نزل يعم الصالح والطالح، فيقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “مَثَل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فكان قوم في أعلاها وقوم في أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا أرادوا الماء مروا على الذين في أعلاها.
فقال الذين في أسفلها لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا بدل أن نؤذي مَن فوقنا” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “فلو أنهم تركوهم وما أرادوا لهلكوا وهلكوا جميعا، ولو أنهم أخذوا على أيديهم لنجوا ونجوا جميعا” فعندما نسكت عن المفسدين ولا نبلغ عنهم ولا ننهاهم، ولا نرفع أمرهم ونتركهم ونسكت عنهم ونجاملهم فإن البلاء سينزل بنا جميعا، فينبغي ألا نجامل أحدا إذا رأينا مفسدا يستغل الوظيفة أو المؤسسة يحتال، يرتشي، أو يجامل، أو يسرق، أو يفعل أي صورة من صور الفساد أن نبلغ عنه معذرة إلى الله سبحانه وتعالى حتى لا ينزل بنا العذاب، فإن رأينا مفسدا، فينبغي أن نبلغ عنه بعد أن نتثبت ونتأكد أنه مفسد في وظيفته، أو أنه مفسد في مؤسسته، أو أنه مفسد في مسؤوليته، أن نبلغ عنه فنكون ممن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”