مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد كانت دعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على مراتب، فالمرتبة الأولى‏ كانت النبوة، والثانية‏ كانت إنذار عشيرته الأقربين‏،‏ والثالثة‏ كانت إنذار قومه‏، والرابعة‏ كانت إنذار قوم ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة‏، والخامسة‏ كانت‏ إنذار جميع مَن بلغته دعوته من الجن والإِنس إلى آخر الدهر، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم ” من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه” وإن صاحب الدنيا المبتلى بحبها المغرور بها فإن فيها من المتاع تخدعه، حتى تزل قدمه، ثم يجازى بعمله، فما أسرع تقلب أحوالها وتبدل حياتها بالموت، وعمارها بالخراب وتفرق الأحباب، فمن أجال فكره في هذه الدنيا، وجدها محفوفة بالأنكاد والأكدار، وبالشرور والأضرار، وبالهموم والغموم والأحزان.

ولا يهذبها ويصفي كدرها إلا الدين وطاعة رب العالمين، فلا تصفو لأحد بحال، فصروفها وحوادثها تنبه الغافلين، وتوقظ النائمين، وقد ضرب الله لها مثلا بالمطر الذي يصيب الأرض القاحلة اليابسة، فتنبت وتختلط فيها الأعشاب، وتزهو بالزهور المختلفة التي تسر الناظر، وتأخذه بالإعجاب، وسرعان ما تتغير خضرتها بالصفرة ووجهها المليح بالكدرة، هكذا الدنيا لأهلها فما فوق التراب تراب، فعمر الإنسان أشبه بالنبات الذي اختلط به نبات الأرض وأصبح هشيما تذروه الرياح، فالإنسان في هذه الحياة يمدد آماله، وقد قرب من الدنيا انتقاله، والقدوم على صالح أو سيئ أعماله، ثم إن الموت ليس هو فناء أبدي كما يعتقده الدهريون الذين قص الله علينا مقالتهم في كتابه العزيز فى سورة الجاثيه ” وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر “

ولكنه انتقال إلى حياة الآخرة، فالمؤمن في الحياة الدنيا يرى تفرق أهله وأحبابه بالموت يوما بعد يوم، ويعلم أنه لا بد نازل به في الصباح أو المساء، فيستعد له بفعل الطاعات، ويغتنم فرص الحياة، ويرجو اجتماعه بأحبابه في حياة الآخرة التي لا موت فيها ولا حزن، التي يقول أهلها حين يدخلونها كما قال الله تعالى فى سورة الزمر ” وقالوا الحمد لله الذى صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء ” ولقد قرن الله سبحانه وتعالى، في القرآن الكريم بين الأموال والأولاد في أربعة وعشرين موضعا وقد قدمت فيها الأموال على الأولاد، وفي موضعين قدم الأولاد على الأموال، فما الحكمة والسر في ذلك؟ فإن الحكم والأسرار المطلقة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.

فإن المال والبنون زينة وتفاخر في الحياة الدنيا، فقال الله سبحانه وتعالى فى كتابة العزيز فى سورة الكهف ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا ” وقال تعالى فى سورة الحديد ” اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولا ” وقال تعالى قى سورة مريم ” أفرأيت الذى كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ” وهو إنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا لأن في المال جمالا ونفعا، وفي البنين قوة ودفعا، فصارا زينة الحياة الدنيا، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس دعاء، وكان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول “اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنه كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته “اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل”.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار