المقالات

الدكروري يكتب عن نعم الله علي الإنسان

الدكروري يكتب عن نعم الله علي الإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن نعم الله علينا كثيرة، وآلاؤه عظيمة، ولو جلسنا نعددها ما استطعنا عدها أو حصرها، لكن هنالك نعمة في غاية الأهمية والخطورة ربما لا نشعر بها، ولا نعيرها اهتمامنا كثيرا، إنها نعمة الأمن والأمان، فيجب علينا إدراك قيمة هذه النعمة، وأن نتذكرها، وأن نعرف كيف نحافظ عليها، وأن نحذر من أسباب زوالها خاصة وأن أصحاب الدعوات الهدامة يحاولون جادين زعزعة استقرار بلادنا وأمننا، مستغلين في ذلك بعضا من أبناء هذا الوطن، بتلويث أفكارهم وتحريضهم على ما يضرهم ولا ينفعهم، وإن نعمة الأمن أعظم من نعمة الرزق ولذلك قدمت عليها وذلك لأن استتباب الأمن سبب للرزق، فإذا شاع الأمن واستتب ضرب الناس في الأرض. 

 

وهذا مما يدر عليهم رزق ربهم ويفتح أبوابه، ولا يكون ذلك إذا فُقد الأمن، ولأنه لا يطيب طعام ولا يُنتفع بنعمة رزق إذا فقد الأمن، فمن من الناس أحاط به الخوف من كل مكان، وتبدد الأمن من حياته ثم وجد لذة بمشروب أو مطعوم؟ وقد سئل بعض الحكماء فقيل له ما النعيم ؟ قال الغنى فإنى رأيت الفقر لا عيش له، قيل زدنا، قال الأمن فإنى رأيت الخائف لا عيش له، قيل زدنا قال العافية فإنى رأيت المريض لا عيش له، قيل زدنا قال الشباب فإنى رأيت الهرم لا عيش له، ولأهمية الأمن كان مطلب الأنبياء والصالحين بل والناس جميعا فإبراهيم عليه السلام يدعو الله أن يجعل بلده آمنا، ويوسف عليه السلام يطلب من والديه دخول مصر. 

 

مخبرا باستتباب الأمن بها، ولما خاف موسى أعلمه ربه أنه من الآمنين ليهدأ روعه، وتسكن نفسه، ولما عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة يوم فتحها ذكرهم بما ينالون به من الأمن مما يدل على أهميته لدى المؤمنين والكافرين، ولأهمية الأمن ومكانته في الإسلام أعلاه العلماء منزلة أعظم من نعمة الصحة، فقال الرازي رحمه الله سئل بعض العلماء الأمن أفضل أم الصحة؟ فقال الأمن أفضل، والدليل عليه أن شاة لو انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان، ثم إنها تقبل على الرعي والأكل ولو أنها ربطت في موضع وربط بالقرب منها ذئب فإنها تمسك عن العلف ولا تتناوله إلى أن تموت، وذلك يدل على أن الضرر الحاصل. 

 

من الخوف أشد من الضرر الحاصل من ألم الجسد، ولأهمية الأمن أكرم الله به أولياءه في جنته ودار كرامته لأنه لو فقد فقد النعيم، وإن الأمن والاستقرار إذا عم البلاد، وألقى بظله على الناس، أمن الناس على دينهم وأنفسهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم ومحارمهم، ولو كتَب الله الأمن على أهل بلد من البلاد، سار الناس ليلا ونهارا لا يخشون إلا الله وفي رِحاب الأمن وظله تعم الطمأنينة النفوس، ويسودها الهدوء، وتعمها السعادة، وإن مكانة الأمن كبيرة، ولذلك كان نبيكم صلَى الله عليه وسلم إذا دخل شهر جديد ورأى هلاله سأل الله أن يجعله شهر أمن وأمان، فيقول “اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله ” رواه أحمد والحاكم والترمذي. 

 

فالأمن تحقن فيه الدماء، وتصان الأموال والأعراض، وتنام فيه العيون، وتطمئن المضاجع، ويتنعم به الكبير والصغير والإنسان والحيوان، فالأمن من نعم الله العظمى وآلائه الكبرى، لا تصلح الحياة إلاَ به، ولا يطيب العيش إلا باستتابته، فإن نعمة الأمن لها علاقة وطيدة بالتنمية ونهضة المجتمع فإذا عم الأمن البلاد والعباد أصبح كل فرد منتجا وفعالا، فكم من مصانع أغلقت وشركات أعلنت إفلاسها وأماكن سياحية توقف نشاطها وتجارات بارت بسبب زعزعة الأمن ونشر الفوضى في المجتمع، لذلك يجب علينا أن نسعى جاهدين من أجل تحقيق الأمن في بلادنا وأوطاننا.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار