مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن ومن يتق الله يجعل له مخرجا

الدكروري يكتب عن ومن يتق الله يجعل له مخرجا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

قال مسلم بن يسار ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة الله عز وجل، وقال مسلم العابد لولا الجماعة ما خرجت من بابي أبدا حتى أموت وقال ما يجد المطيعون لله لذة في الدنيا أحلى من الخلوة بمناجاة سيدهم ولا أحسب لهم في الآخرة من عظيم الثواب أكبر في صدورهم وألذ في قلوبهم من النظر إليه، ثم غشي عليه، وعن إبراهيم بن أدهم قال أعلى الدرجات أن تنقطع إلى ربك وتستأنس إليه بقلبك وعقلك وجميع جوارحك حتى لا ترجو إلا ربك ولا تخاف إلا ذنبك وترسخ محبته في قلبك حتى لا تؤثر عليها شيئا، فإذا كنت كذلك لم تبال في بر كنت أو في بحر أو في سهل أو في جبل وكان شوقك إلى لقاء الحبيب شوق الظمآن إلى الماء البارد.

 

وشوق الجائع إلى الطعام الطيب ويكون ذكر الله عندك أحلى من العسل وأحلى من الماء العذب الصافي عند العطشان في اليوم الصائف، فأين قول الله تعالى ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” ويقول أنا اتقيت الله فخرجت من العمل المحرم ولكني لم أجد عملا؟ فنقول إنك اتقيت الله في عمل واحد من أعمال حياتك، وهو خروجك من العمل المحرم، ولكنك ربما لا تزال مقيما على أعمال كثيرة محرمة، ربما أنك تمشي إلى معصية الله، وتنظر إلى معصية الله، وتسمع معصية الله، فكيف بعد ذلك تقول إن الله يقول” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” فأنت لم تتقى الله إلا في شيء واحد.

 

أين تقوى الله في بقية الأشياء؟ إذن أخلص لله واترك جميع المعاصي، والله لا بد أن يجعل لك مخرجا وفرجا لأنه وعد في الآية، لكن تقوى الله واسعة عامة، ويا أيها الشاب الذي تتعرض للفتن من كل جانب، وتلقى العنت والمشاق في الصبر على الشهوات، وأنت تصبر عن الحرام، وتدافع تلك الخطرات، يحيط بك هم العثور على الفتاة المستقيمة، وهم توفير المهر والزينة، اصبر فإن الله مع المحسنين، وكما فرج الله لغيرك، فسيفرج لك، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه فسبحانه القائل ” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله” ويا من اضطر لطلاق زوجته في ذات الله وإرضاء لله، قد يجتمع عليك جيش الهموم.

 

فهم يحيط بك مما خسرت وتكلفت في ذلك الزواج، وهم يحيط بك هل ستجد امرأة صالحة أخرى تتزوجها؟ وهم يحيط بك إن كانت المطلقة قد خلفت لك أولادا من يعتني بهم، وهم يحيط بك من موقفك أمام الناس، وإذا هم همزوك ولمزوك وأساؤوا القول في جانبك، لا تحزن ما دمت قد فعلت ذلك إرضاء لله، فإن الله يقول في سورة الطلاق ” لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا” ويقول تعالى ” سيجعل الله بعد عسر يسرا” وذلك لأن الطلاق شيء كبير، وفيه هم عظيم لمن اتخذ ذلك القرار إرضاء لله، إن الله سيجزيه على عمله ذلك ويعوضه خيرا، فيا من وقعت في ورطة، فلم تعرف كيف الخلاص، وحاولت الفكاك، ولكن لات حين مناص.

 

تذكر في لحظاتك هذه قوله تعالى ” وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين” ويا من ابتلاه الله في جسده فهو يئن تحت وطأة المرض، ويتلوى من الوجع على فراش الإصابة، تحيط بك هموم الآلام بأنواعها، ويا من ابتلاه الله في حبيبه، أو ولده، فهو يحس حرارة الابتلاء في كبده، لا تيأس، فإن فرج الله بالشفاء لآت، وإن لم يكن، وإن لم يحصل الشفاء، فهو ابتلاء ترفع فيه الدرجات في الجنات، وتضاعف الحسنات، فتذكر نبى الله أيوب عليه السلام، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنبياء ” وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار