المقالات

الدكروري يكتب عن المقصود من البعثة

الدكروري يكتب عن المقصود من البعثة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن المقصود من البعثة هو الإنذار، والمقصود من الإنذار التقوى عن كل ما لا ينبغي، والمقصود من التقوى الفوز بالرحمة في دار الآخرة، ولقد كانت الدعوة بالليل والنهار، والسر والجهار، ولعله فهم ما لهذا الأسلوب من أثر على النفوس البشرية إذ من الناس من يكون وعيه وإدراكه في النهار أكثر من الليل، ومنهم من يكون على العكس، فالصنف الأول دعاه بالنهار، والآخر دعاه بالليل، كما أنه لاحظ اختلاف طبائع الناس، فوجد أن منهم من إذا وُجهت له الدعوة جهرا أمام الناس، تأخذه العزة والأَنفة، ولا يمتثل للأمر المدعو إليه تكبرا أو تعاليا، وصلفا وغرورا، وخوفا من معايرة أهله وعشيرته، فهذا إذا دعي سرا، فإنه قد يمتثل إليه، وقد يخفيه سرا فترة من الزمن، وكان نبي الله نوح عليه السلام يوجه الدعوة جهرا.

لمن يلمس فيه الشجاعة والاحترام وعدم المبالاة والخوف من أحد، طالما اقتنع بصحة ما أقدم عليه، وإن إقامة الأدلة على قدرة الله تعالى في الخلق، والتنبيه على كثرة نعمه وآلائه، وذلك في قوله تعالى فى سوة نوح ” وقد خلقكم أطوارا” وكذلك الترغيب في الطاعة وبيان ثوابها العاجل والآجل في الدنيا والآخرة، وذلك في قوله تعالى فى سورة نوح ” فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا” ولقد كان هناك إصرار عجيب ورغبة قوية من نبى الله نوح عليه السلام مع قومه، في هدايتهم، إلا أنهم تمادوا في غيهم وطغيانهم، واشتد عليه منهم البلاء، وانتظر الجيل بعد الجيل، فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من الذي قبله.

حتى إن كان الآخر منهم ليقول قد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا هكذا مجنونا، لا يقبلون منه شيئا، وقد أوحى الله عز وجل إلى نبيه نوح عليه السلام أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، أى قضي الأمر يا نوح، فلا تتعب نفسك في دعوتهم ولا ترج إيمانهم، فلا تحزن فإن الله مُهلكهم ومنجّيك أنت ومَن آمن معك، ولما علم نوح عليه السلام وأيقن أنه لن يؤمن أحد منهم دعا الله عز وجل وسأله أن لا يترك على هذه الأرض أحدا من الكافرين، فإنك يا رب إن أبقيت منهم أحدا أضلوا عبادك، الذين تخلقهم بعدهم، ولا يلدون إلا فاجرا في الأعمال كافر القلب، وذلك لخبرته بهم ومُكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما، فاستجاب الله عز وجل له، ووعده أنه سينجيه وأهله إلا امرأته لأنها كانت كافرة، وأوحى الله إليه بأمر عجيب.

وهو أنه سبحانه وتعالى لما أراد أن يطهر الأرض، من الظلم والكفر فقد أوحى الله عز وجل لنبيه نوح عليه السلام أن يقوم ببناء سفينة عظيمة من أجل إنقاذ المؤمنين الطيبين، الذين آمنوا بالله تعالى واستجابوا لدعوة النبي نوح عليه السلام، وبالفعل أقبل نوح عليه السلام على عمل السفينة، وتوقف عن دعوة قومه، وجعل يقطع الخشب، ويضرب الحديد، ويهيئ عدة الفلك من القار وغيره مما لا يصلحه إلا هو، وبدأ المؤمنون الذين معه يساعدونه، فالأمر لم يكن سهلا، فهذه سفينة كبيرة جدا، فهى سفينة لإنقاذ البشرية، ومختلف أنواع الحيوانات، فكان الأمر متعبا شاقا، ويحتاج لصبر شديد لتكتمل السفينة، وتصبح جاهزة.

الدكروري يكتب عن المقصود من البعثة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار