مراة ومنوعات

السودان ضد السودان

جريده موطني

السودان ضد السودان

بقلم المستشار/طه حسين ابو ماجد

السودان ضد السودان

قال صديق مصري مقيم في السودان وجاء فرارا من الموت الذي طارده من ميليشيات الدعم السريع او حتي من جيرانه السودانيين الطابور الخامس والمرشدين لمرتزقة الدعم السريع.

وقال صديقي بصفته شاهد عيان بعدما وصل هنا بعد رحلة موت كاد ان يكون محقق ولكن اهل الخير المخلصين من السودانيات ركاب الباص كانو يتوسلون الي مرتزقة الدعم السريع في كل ارتكاز وقال لن ابالغ إن احداهن إنحنت مقبلة حذائه لاجل أن يتركني اعيش وبندقيته في رأسي..

 

الموت في كلّ مكان في السودان وهناك أناس دفنوا موتاهم في منازلهم لأنّهم لا يستطيعون مغادرة المنازل حتى لا تضاف إلى عائلاتهم جثث جديدة.

 

ويروي صديقي الذي جاء فارا من الموت ان هناك بعض الشباب قاموا بمبادرات الدفن في الشوارع حيث يجمعون الجثامين ويحفرون في أيّ مكان ويدفنون.

وبعضهم لم يتمكّن من الصلاة وربّما لم يعرف اتجاه القبلة كان الهدف هو الدفن بأسرع ما يمكن بعدما تمكّنت الكلاب الضالّة من نهش عدد من جثامين القتلى.

 

ويضيف صديقي بأنه ما كان

له أن يصدق ما حدث لولا انه عاشه بنفسه.. فالسودانيين طيبين وسمعتهم في العالم كلّه معروفة ومشهورة بالطيبة والبساطة فمن أين جاء كلّ هذا الحقد وكلّ هذا الدم؟ وشدد صديقي الاعلامي المصري وهو مدمع العينين لولا أنّني رأيت بنفسي حالات عديدة من نساء تمّ اغتصابهنّ ومنازل تمّ نهبها وقتل ساكنوها لمَا كنتُ صدّقت أنّ هذا حدث للسودانيين والأدهي حدث بأيديهم ومن بني جلدتهم

 

ولا أخفي ان ما سمعتُه

كان مفزعاً ومُقبضاً…وجعلني أسير في شوارع القاهرة استوقف اي من السودانيين لأسمعه وجميعها احداث دامية حتي قلتُ لأحدهم بعد أن تضع الحرب أوزارها يجب على علماء السودان أن يشرعوا في عمل علميّ كبير يدرس علم نفس السودانيين وعلم اجتماع السودانيين أيضاً لفهم أسباب ذلك التحوُّل الكبير والذي ما كان يتوقع.. اهدار الدم السوداني بكل اشكاله بايدي سودانية.

 

اكد لي صديقي الاعلامي المصري الذي نجي من الموت أنّ هناك أجانب ومرتزقة متورّطون في تلك الأعمال البشعة مضيفا انه في احد ارتكازات شارع الستين صعد الباص تشادي وفي يده البندقيه وتوسط الباص وقال هنا في الهافله زول مسري؟؟ وروي لي ما حدث من سب وصفع الا ان دعامي سوداني بثق في وجهه وقال للدعامي التشادي اتركه انه مصري عفن.. وتركني..

ياسادة ان أغلب الضالعين في الأحداث هم سودانيون. وإذا كان المفكّر المصري جلال أمين قد صدمته بعض التحوُّلات الاجتماعية في مصر فأصدر عام 1998 كتابه الشهير “ماذا حدث للمصريين؟” فالأولى أن يعقد علماء الاجتماع السودانيون مؤتمراً بعنوان: “ماذا حدث للسودانيين؟”.

 

ثمّ تحدّث والدموع تغالبه المشاهد المأساوية في السودان تفطر القلوب من جثث الشوارع إلى اغتصاب الحرائر إنّها مشاهد فوق الاحتمال ضيق في العيش لأنّ “آخر راتب تمّ صرفه في السودان قبل شهر رمضان ويبيع الناس ما يملكون من ذهب نسائهم من أجل المغادرة لقد تمّ نهب البنوك وأمّا وزارة الداخلية فقد تمّت تسويتها بالأرض وقصص القتل والاغتصاب أصبحت حديث كلّ يوم في الخرطوم إنّنا نسأل بعضنا كلّ صباح: كم قذيفة ضربت جدران بيوتكم أمس وكم رصاصة سقطت في فناء منزلكم اليوم؟!.

 

الوضع مخيف بشكل لا يُصدّق..وفي شوارع القاهرة سمعت رجل سوري جاء مصر فرارا من حرب السودان يقول ماذا حدث لكم أيّها السودانيون إنّ ما حدث في السودان في 12 أسبوع يضاهي ما حدث في سوريا في 12 سنة.

ان سوء الحظ في السودان هو تراجع دور الحكماء في السودان ورحل الإمام الصادق المهدي بعد سقوط البشير بقليل. لكنّ الحكمة تظلّ في الديمقراطية والديمقراطية وحدها.

 

إنّ الحرب لا تحلّ المشاكل بل تزيدها وهي تدمّر الدولة وتؤخّرها لعشرات السنين..

والذهب وخيرات السودان

لمن يفوز وليس للوطن ولا يستفيد منها المواطن.

لذا ليس أمام الشعب سوى خيارين صناديق الانتخابات العاجلة أو صناديق الذخيرة.

 

والسودان يحتاج إلى معجزة لكنّها معجزة ممكنة ولحسن الحظّ أغلب من قابلت من السودانيين يتحدّثون بثقة عن نهاية الحرب ويتحدّثون بيقين عن إعادة الإعمار وتأسيس عقد اجتماعي جديد.

 

يتحدّث البعض عن العدالة والقصاص ومعاقبة من أجرم بحقّ المجتمع والدولة لكنّ ذلك الحديث يبدو مبكراً فالأمن يأتي أوّلاً.

 

ويجب أن يسبق السلامُ العدالةَ لا أن تسبق العدالةُ السلامَ فالسلام أوّلاً ثمّ يمكن أن يأتي كلّ شيء بعده.

السودان ضدّ السودان؟ يحتاج السودان إلى معجزة لكنّها معجزة ممكنة ولحسن الحظّ أغلب من قابلت من السودانيين يتحدّثون بثقة عن نهاية الحرب، ويتحدّثون بيقين عن إعادة الإعمار وتأسيس عقد اجتماعي جديد.السودان ضد السودان

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار