المقالات

الصفوة المختارة

جريدة موطني

الصفوة المختارة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الرحيم الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان، إن من أهم ما يغرس في المرء التفاؤل ويدفعه للنجاح هو تعلق القلب بالله جل وعلا والثقة في قدرته وحكمة تدبيره مع بذل الأسباب، وتأملوا معي أحبتي كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرضي لرجل من أمته أن يستسلم للهم واليأس ودله على طريق التفاؤل، فهلم بنا لنربي أنفسنا وأزواجنا وأولادنا وجميع الأمة على حياة التفاؤل يتحقق لنا العز والسعادة بإذن الله تعالي.

 

ولقد ابتليت الأمة بنكبات كثيرة علي مر الدهور والأزمان حتى إلي يومنا هذا وأشد أنواع النكبات التي قد تبتلي بها أمة أن يتسرب اليأس إلي القلوب وتتفرغ القلوب من الأمل، عباد الله، ما أحوجنا ونحن في هذا الزمن، زمن الفتن والغموض إلى الأمل فمن يدري؟ ربما كانت هذه المصائب بابا إلى خير مجهول، ورب محنة في طيها منحة، وإن الأمل هو توقع حدوث شيء طيب في المستقبل مستبعد حصوله، وانشراح النفس في وقت الضيق والأزمات وكما أن الأمل للأمة كالروح للجسد فلولا الأمل ما بني بان، ولا غرس غارس، ولولا الأمل لما تحققت كل الإنجازات التي وصلت إليها البشرية، وذلك لأن المخترع لم يتمكن غالبا من تحقيق انجازه من أول مرة، فإن العالم والمخترع أديسون بعدما أخطأ ألف مرة إلا مرة واحدة.

 

فقد نجح في صنع أول مصباح كهربائي، ولقد كانت الصفوة المختارة عندما تسمع كلام الله تتأثر مباشرة، فترق القلوب، وتدخل تلك النفوس في دين الله عز وجل، وإذا اعتدى أحدهم على مسلم ضعفت نفسه في موقف، فعن معاوية بن الحكم السلمى قال، في حديث طويل يرويه الإمام مسلم، منه” وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، عدا الذئب على شاة فأخذها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، ضربها بكفه على صفحة وجهها، تأثر كيف يذهب الذئب بغنمه، بشاة، كيف يذهب بها، أين أنت؟ أين حراستك؟ أين رعايتك للغنم؟ تأثر فضربها بيده على صفحة وجهها، فماذا كان موقف الصحابي لما أخطأ؟ لما أخطأ في حق هذه المرأة المسلمة.

 

فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لينظر ماذا عليه، فهذه الضربة، كما أثرت في وجه المرأة فقد أثرت في نفس الضارب، أثرت في نفسه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعظم ذلك علي، كيف تفعل هذا الفعل، كيف تفعل، كيف تضرب على الوجه، كيف تضرب أصلا، ماذا فعل الصحابي عندما عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم،هذا الأمر؟ قلت يا رسول الله أفلا أعتقها؟ أيهما أغلى الشاة أم المرأة، الراعية، وهي الأمة عند الرجل؟ فإن الأمة عند الرجل أغلى، وفائدتها عنده عظيمة، لكن لما تأثر ما صار عنده مانع أن يعتقها، قال أفلا أعتقها؟ قال ائتني بها، فأتيته بها، فقال لها صلى الله عليه وسلم،أين الله؟ قالت في السماء، قال من أنا؟ قالت أنت رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم،أعتقها فإنها مؤمنة”

 

وهكذا فإن كثير من المسلمين اليوم يعتدون بالضرب على إخوانهم المسلمين الآخرين المستضعفين، وحتى إخوانهم الصغار، فيا ترى هل إذا أخطؤوا يتأثرون مثلما تأثر هذا الصحابي؟ وهل إذا أخطؤوا تنطلق منهم كلمات الأسف، حتى الأسف، والتأسف، والاعتذار، أم إن أحدهم تأخذه العزة بالإثم، فيرفض أن يتفوه بكلمة واحدة يعتذر بها عما فعله.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار