بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم” فالغاية من العبادات كلها أن تتمم بها مكارم الأخلاق، فإذا اجتهد العبد في فعل الخيرات وعمل الصالحات وكان مع ذلك سيء الأخلاق يذهب بثواب عمله كله، فالله الله عباد الله إياكم وسوء الخلق.
واستعينوا بالله على محاسن الأخلاق وادعوه بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم ” اللهم كما حسّنت خلقي حسن خلقي” وكان صلى الله عليه وسلم يقول “اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها” ولقد ظهر العداء بين المسلمين، وبين القبيلة والقبيلة، وبين القريب وقريبه، وبين الأخ وأخيه، وكل ذلك من أجل حطام الدنيا، وحب الانتصار، والعلو، ولقد قلّ التسامح في شيء من ذلك، فنجد النزاع يحتدم ويطول بين شخصين أو أشخاص، وقد يؤدي إلى إيصال الضرر إلى النفوس والأبدان لأحد الطرفين أو كليهما، ومن له علاقة بذلك النزاع، كالزوجات والأزواج.
وهذا مما أصيب به المسلمون من ضعف الإيمان، ونسيان أو تناسى حقوق المسلمين بعضهم على بعض، والله عز وجل يقول فى كتابه الكريم فى سورة الحجرات ” إنما المؤمنون أخوة ” وإن الخصومة والفرقة والهجران هو سبب لإيغار الصدور، وطريق للحقد والغل في القلوب، وبريد البغضاء والشحناء في النفوس، فعلى كل مسلم أن يكون هينا لينا سمحا، يرجو من الله تعالى الأجر والثواب، ويقابل بالعفو والصفح، وإن تعدى الخصم حدود الله فيه، فهو يعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين، فيأبى أن يكون عونا للشيطان على أخيه، لأن الله سبحانه وتعالى، يدعوه فيقول فى كتابه العزيز فى سورة المائدة ” فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ” وإياك إياك أن يغرك الشيطان، فطهر قلبك من الآن، ونقى صدرك في هذا المكان.
وكن من أفضل الناس فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال، قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أى الناس أفضل؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” كل مخموم القلب، صدوق اللسان” قالوا صدوق اللسان نعرفه، فما هو مخموم القلب؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” هو التقى النقى، لا إثم فيه، ولا بغى، ولا غل، ولا حسد ” رواه ابن ماجه، وعن أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا” رواه مسلم، فما قيمة الدنيا بحذافيرها مع خسارة الآخرة؟ وما أشقى حياة من أطاع هواه وشيطانه، وابتعد عن أخلاق دينه، وتوجيهات نبيه صلى الله عليه وسلم.
العداء بين المسلمين