مقالات

القلم والورقة في مواجهة الذكاء الاصطناعي..

جريدة موطني

القلم والورقة في مواجهة الذكاء الاصطناعي..

بقلم :الدكتورة دعاء احمد حامد ريدان
مدرس مساعد قسم الفقه بكليه العلوم الاسلاميه والعربيه للطلاب الوافدين

القلم والورقة في مواجهة الذكاء الاصطناعي..

حكاية جيلين اختلفتُ ذات يوم مع ابنتي ذات الثلاثة عشر عامًا بشأن أمر تهتم هي به كثيرًا، بل تُعدّه حلمًا تتوق إلى تحقيقه، ألا وهو هجرتُها إلى إحدى الدول الغربية بمفردها بعد حصولها على الشهادة الثانوية، وكان دافعي في رفضي لذلك أنني لا أريد أن أعدها بأمرٍ الآن، ثم أخلف وعدي لها بعد سنوات عندما يحين وقت التنفيذ وتتهيأ هي فعليًّا لاتخاذ خطواته فآثرتُ غلق هذا الباب تمامًا منذ البداية.
كان لهذا الرفض وقعٌ كبيرٌ في نفسها؛ فبدأت تبكي وتصرخ، بل وتجاوزَت في الكلام معي، لكنني قررت ألا أُبالي بصراخها.. ثم، وبعد قليل، وجدتها تعود إليّ وقد جاءتني معتذرة عمّا صدر منها من صراخٍ وتجاوزٍ.
تملّكني العجب من سرعة تغيّرها، فسألتها: كيف هدأتِ وتحولتِ بهذه السرعة؟
وكان الجواب صادمًا بالنسبة لي؛ إذ قالت: “ذهبتُ إلى غرفتي وقررتُ أن أتكلم وأُفَضْفِض مع الذكاء الاصطناعي ChatGPT، فحكيتُ له المشكلة كاملة، فنصحني بأن أعتذر لك، ثم أحاول إقناعك بهدوء!”
حين أخبرتني بذلك، شعرتُ بأن ذهني قد انغمس في استرجاع سريع للذكريات (Flashback)، فتذكرتُ نفسي وأنا في مثل عمرها تقريبًا، حين كان يضايقني أمر ما، كنتُ أمسك بالقلم والورقة وأكتب ما يزعجني، وأصل من خلال الكتابة إلى حلولٍ فعلية، ثم أمزّق الورقة.
في تلك اللحظة، أيقنتُ يقينًا قاطعًا أن هناك اختلافًا حقيقيًّا بين الأجيال؛ بين جيلي “جيل الألفية”، وجيل ابنتي “Gen Z” وقد تجلّى هذا الفارق بوضوح في هذا الموقف وحده، وهو مجرد مثال على كثير مما يمكن أن نرصده إذا تأمّل كلٌّ منّا حياته اليومية مع أبنائه، فسيجد حتمًا هذا الاختلاف واضحًا جليًّا.
كما كان هذا الموقف تأكيدًا حيًّا للمقولة المنسوبة إلى علي بن أبي طالب – رضي الله عنه –: “لا تُكرِهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمانٍ غير زمانكم.”
وهنا، قررتُ أن أُراعي هذا الاختلاف في تعاملي مع أبنائي، وأن أستفيد أنا أيضًا من أدوات عصرهم، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، في تطوير طرائق التفكير والحوار داخل الأسرة، بل وفي مواجهة مشكلات الحياة اليومية على كافة الأصعدة.

القلم والورقة في مواجهة الذكاء الاصطناعي..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى