المقالات

بلال يرتقي علي سطح الكعبة

بلال يرتقي علي سطح الكعبة

بلال يرتقي علي سطح الكعبة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 22 أكتوبر 2024

بلال يرتقي علي سطح الكعبة

الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والشكر له على ما أولانا من واسع كرمه وفضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدى من هدى بفضله، وأضل من أضل بحكمته وعدله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى من جميع خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وصحبته، وسلم تسليما ثم أما بعد عندما دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم فاتحا منتصرا مكه فقد إستدعى صلى الله عليه وسلم عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، ففتح النبي صلى الله عليه وسلم ودخل الكعبة من داخلها، فوجد صورا، ووجد من بين هذه الصور صورة لإبراهيم وإسماعيل وهما يستقسمان بالأزلام، فقال “قاتلهم الله والله ما إستقسما بالأزلام قط” فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فمحيت الصور، وكسر النبي صلى الله عليه وسلم الأصنام بيده داخل الكعبة.

 

وأغلق عليه باب الكعبة، وعلى أسامة وبلال، وصلى لله بداخل البيت، وفتح صلى الله عليه وسلم الباب مرة أخرى وخرج فوجد قريشا قد ملأت بيت الله الحرام، ينتظرون ماذا يفعل فيهم اليوم إمام الرحمة وينبوع الحنان صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم النبي عليه الصلاة والسلام، ونظر إليهم وقد وجمت الأبصار وشخصت، وصمتت الأنفاس، ونظروا إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم، فقال الحبيب “لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، يا معشر قريش إن الله تعالى قد أذهب عنكم عبّية الجاهلية وتعاظمها بآبائها، كلكم لآدم وآدم من تراب ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ” ثم قال يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. 

 

فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء” فهذه هي رحمة الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم اليوم، كما قال سعد بن عبادة حينما مر عليه أبو سفيان، قال اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل فيه الحرمة، اليوم أذل الله فيه قريشا، فلما بلغ ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا، اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشا” وفي اليوم التالي وقف النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم خطيبا في قريش، فحمد الله وأثنى عليه ومجده بما هو أهله، ثم قال “يا معشر الناس إن مكة حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرمة الله لها إلى يوم القيامة، ولا يحل لامرئ أن يسفك فيها دما، فإن ترخص أحد بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقولوا إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما حلت لي ساعة من نهار، وإن حرمتها تعود اليوم كحرمتها بالأمس، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب” 

 

ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك على الصفا فوقف بعض الأنصار الأطهار الأبرار الأخيار وحزنوا، ودب الرعب والخوف في قلوبهم في يوم الفرح، لماذا؟ لقد خاف الأنصار أن يبقى النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ولا يرجع معهم مرة أخرى إلى المدينة ولما أنهى النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء ورآهم يتهامسون، نزل وقال ماذا تقولون؟ قالوا لا شيء يا رسول الله قال ماذا تقولون؟ قالوا لا شيء يا رسول الله، فما زال النبي صلى الله عليه وسلم بهم حتى أخبروه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام “معاذ الله، بل المحيا محياكم، والممات مماتكم أيها الأنصار” ولما حان أول وقت للصلاة أمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بلالا أن يرتقي على ظهر الكعبة، ذلكم العبد الأسود الذي كان يعذب على رمال مكة ، ويحمل صخورها ملتهبة على صدره بالأمس القريب، 

 

ها هو اليوم يرتقي على ظهر الكعبة، وتشخص إليه الأبصار، وتنقطع الأنفاس، وتنحدر الدمعات كحبات اللؤلؤ على وجوه الموحدين، وتبكي الكعبة فرحا لشروق شمس التوحيد الجديدة، ويخشع الجو ويصمد المكان، ما هذا؟ هل هذا حلم؟ رسول الله مع عشرة آلاف موحد في مكة، سيروي الموحدون اليوم ظمأهم من ماء زمزم، سيمتع الموحدون اليوم نظرهم بالنظر إلى بيت الله فهل هذا حلم؟ كلا إنها الحقيقة تتألق كتألق الشمس في رابعة النهار، ويقطع هذه المشاعر المتداخلة صوت ندي رخيم عذب جميل، إنه صوت الحق، صوت بلال بن رباح رضي الله عنه وأرضاه، وهو يرفع صوته بكلمة التوحيد، وبالتكبير لله عز وجل، الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، نعم فلقد سقطت اليوم كل الآلهة المزعومة المكذوبة.

 

ذهبت وكانت بالأمس القريب تعبد من دون الله، تحطمت اليوم على يد نبي التوحيد صلى الله عليه وسلم، ولكن تحطمت الأصنام ونكست رءوس هذه الآلهة المكذوبة على يد من؟ من الإمام؟ من القائد؟ من الطليعة الخيرة؟ من الهادي إلى الحق؟ يجيب بلال أشهد أن محمدا رسول الله، صلى الله وسلم وبارك عليه، ونسأل الله جل وعلا أن يجزيه عنا خير ما جزى نبيا عن أمته، وأن يجزي عنا أصحابه الأخيار الأطهار الأبرار الذين أوصلوا إلينا الإسلام على جماجمهم، وعلى أرواحهم وعلى دمائهم وأشلائهم.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار