الدكروري يكتب عن الأحاديث القدسية والنبوية الشريفة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن من أهم الفروق بين الحديث النبوي والحديث القدسي، هو أن الحديث القدسي ينسبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى، أما الحديث النبوي فلا ينسبه إليه صلى الله عليه وسلم، وأن الأحاديث القدسية أغلبها يتعلق بموضوعات الخوف والرجاء، وكلام الله تعالى مع مخلوقاته، وقليل منها يتعرض للأحكام التكليفية، أما الأحاديث النبوية الشريفه فيتطرق إلى هذه الموضوعات بالإضافة إلى الأحكام، وأيضا الأحاديث القدسية قليلة بالنسبة لمجموع الأحاديث أما الأحاديث النبوية الشريفه فهي كثيرة جدا، وأيضا الأحاديث القدسية قولية فقط والأحاديث النبوية قولية وفعلية وتقريرية، وقد ذكر العلامة ابن حجر الهيثمي أن عدد الأحاديث القدسية المروية يتجاوز المائة.
فقال “إن مجموع الأحاديث القدسية المروية يتجاوز المائة، كـما أن بعضهم جمعها في جزء كبير ومن الأمثلة على الحديث القدسي هو ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضى الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله يقول، أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني” وما رواه الترمذي عن معاذ بن جبل رضى الله عنهم أجمعين قال” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” قال الله عز وجل، المتحابون في جلالي لهم منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء” وما رواه البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قال الله تعالى، ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره”
ويجب علينا جميعا أن نعى جيدا علم الحديث فإن أول الخواطر التى يتعلق بها علم الحديث وأثره على تطور الحضارة عموما، وتطور فهمنا لاتجاهاتهان فإن ما بذله المسلمون منذ القرن الثاني لظهور الإسلام، كان الأساس للوعي التاريخي الذي ميّز المجتمعات البشرية منذ ذلك الوقت، ثم تطور هذا الوعي منذ القرن الرابع عشر الميلادي وهو عصر بن خلدون، جعل التاريخ علما، له أصوله وقواعده ومناهجه التي نفهم في ضوئها الماضي، ونعي الحاضر ونستشرف المستقبل، ولعل أول المسائل التي واجهت علماء الحديث، فضلا عن التحقق من الأمانة في رواية الحديث النبوي الشريف، وهي مسألة اختيار ما يجب الحفاظ عليه من أحداث السيرة النبوية الشريفة، فكل واقعة أو حدث.
أو قول للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم جديرة بالحفظ ثم الرواية، فالرسول صلى الله عليه وسلم، هو خير الناس في كل ما يقول ويعمل ويقرّ ويمنع، أدّبه رب العالمين ليكون قدوة للناس كافة ” ولقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم خلقه القرآن ” كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها فكل ما يصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، جدير بالاتباع، ومعرفة الحكمة منه سعي مشكور، وكان من الطبيعي أن يؤدي هذا الموقف الذي هو من صلب الدين والتدين إلى جمع كم هائل من الوقائع والأحداث عن عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فكل من عاصر النبي صلى الله عليه وسلم، من أهل الحجاز، سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، أو شهد حدثا، أو نقل اليه خبر عنه.
حرص أن ينقله إلى من بعده، بل لعل البعض ادّعى أنه سمع قولا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، طمعا في شهرة أو مكانة بين الناس، وأي شرف أعظم من أن يقال عن شخص إنه سمع أو شهد أو نقل خبرا ارتبط بحياة النبي صلى الله عليه وسلم.