الدكروري يكتب عن التربية على معاني العبودية والطاعة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 4 يناير
الحمد لله ثم الحمد لله الملك القدوس السلام، الحمد لله الذي أعطانا كل شيء على الكمال والتمام، والحمد لله الذي رفع السماء بلا عمد ووضعها للأنام، يا ربنا لك الحمد حتى ترضى، وإذا رضيت وبعد الرضا، ونشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن سيدنا محمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد، إن صفو العيش لا يدوم، وإن متاعب الحياة وأرزاءها ليست حكرا على قوم دون قوم، وإن حساب الآخرة لعسير، وخذلان المسلم شيء عظيم، والمسلمون هانوا أفرادا وهانوا أمما حين ضعفت فيهم أواصر الأخوة، ووهت فيهم حبال المودة، عندما تستحكم الأنانيات وتستغلق المسالك على أصحاب الضوائق، بل إن بعض غلاظ الأكباد وقساة القلوب ينظرون إلى الضعيف والمحتاج.
وكأنه أذى في العين، يزلقونه بأبصارهم في نظرات كلها اشمئزاز واحتقار، ألا يعتبر هؤلاء بأقوام دار عليهم الزمان وعدت عليهم العوادي، واجتاحتهم صروف الليالي، فإستدار عزهم ذلا، وغناهم فقرا ونعيمهم جحيما؟ وأما عن الركن الخامس وهو حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، فالحج هو زيارة المسجد الحرام في مكة المكرمة وأداء فريضة الحج، وقد فرض الله هذا الفرض على كل مسلم بالغ، قادر على تحمّل تكاليف الحج، فقال تعالى ” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا” وقد فرض الله الحج لتزكية النفوس، وتربية لها على معاني العبودية والطاعة والصبر، فضلا على أنه فرصة عظيمة لتكفير الذنوب، فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” رواه البخاري ومسلم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان” متفق عليه، وهذا الحديث بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الإسلام ودعائمه وأركانه العظيمة قال النووي “إن هذا الحديث أصل عظيم في معرفة الدين وعليه إعتماده وقد جمع أركانه” وفي الحديث مسائل، فالأولى وهو أنه لا يقتصر دين الإسلام على هذه الأمور الخمسة بل يشمل أعمالا وشعبا كثيرة، وإنما اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر هذه الأركان الخمسة لأنها بمنزلة الدعائم للبنيان.
وفي رواية للمروزي بلفظ “بني الإسلام على خمس دعائم” والمقصود تمثيل الإسلام بالبنيان وهذه الخمس هي دعائمه التي يقوم عليها فلا يثبت البنيان بدونها وبقية خصال الإسلام تتمة للبنيان فإذا فقد منها شيء نقص البنيان، وهو قائم لا ينتقض بنقص ذلك بخلاف نقص هذه الدعائم الخمس فإن الإسلام يزول بزوالها جميعا بغير إشكال وكذلك يزول بفقد الشهادتين، وأما عن الثانية وهى من إلتزم بهذه الأركان الخمسة صار مسلما ومن تركها جميعا أو جحد شيئا منها كفر، وقد تنازع العلماء في من ترك الصلاة بالكلية تهاونا وكسلا في قولين مشهورين والصحيح أنه يكفر بذلك لحديث جابر بن عبد الله رضى الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة” رواه مسلم، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر” رواه أحمد.