الدكروري يكتب عن إياكم والفساد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد امرنا الله عز وجل بالإصلاح في الأرض ونهانا عن الفساد بشتي صورة وأنواعة، وإن من صور الإفساد في الأرض هو التعدي على الأموال الخاصة والعامة، سواء بسرقة منه أو بإتلافه، فإتلافه وإهلاكه فساد، وسرقته واكله فساد، فإلي كل من اتلف و دمر وسرق الأموال العامة أو الخاصة ولم يبالى بفعله تدبر هذا المصير الذى أعده الله للمفسدين إنه نار جهنم وليعاذ بالله، ورحم الله الصحابة الأطهار الأخيار، فأنظر كيف كان حال من تعلموا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاروا على طريقه ولم يميلوا إلى طرق الحرام إذ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻴﻘﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ ﻣﺎﻝ ﻋﻤﺮ بن الخطاب، ﻓﻜﻨﺲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻳﻮﻣﺎ، ﻓﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺩﺭﻫما، ﻓﺪﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺑﻦ ﻟﻌﻤﺮ، ﻗﺎﻝ ﻣﻌﻴﻘﻴﺐ ﺛﻢ ﺍﻧﺼﺮﻓﺖ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻲ، ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﻋﻤﺮ بن الخطاب ﻗﺪ ﺟﺎﺀﻧﻲ ﻳﺪﻋﻮﻧﻲ.
ﻓﺠﺌﺖ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺪﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﻳﺪﻩ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ” ﻭﻳﺤﻚ ﻳﺎ ﻣﻌﻴﻘﻴﺐ، ﺃﻭﺟدت ﻋﻠﻲَّ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﺷﻴئا؟ ﻗﺎﻝ ﻗﻠﺖ ﻣﺎ ﺫﺍﻙ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ؟ ﻗﺎﻝ” ﺃﺭﺩت ﺃﻥ ﺗﺨﺎﺻﻤﻨﻲ ﺃﻣﺔ محمد صلى الله عليه وسلم ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺭﻫﻢ، وكذلك من صور الإفساد في الأرض هو تخريب وتدمير المنشآت العامة، فإن من يقوم بذلك من حرق المنشآت العامة وإتلاف الأشجار والحدائق يعد من أشد صور الفساد والإفساد في الأرض، وقد نكل الله بهؤلاء، وهناك فساد كبير وكبير، فلو نظرت إلى الصحة لوجدت فسادا يتمثل في إهمال الأطباء للمرضى وعدم العناية بهم، ورداءة الأجهزة الطبية وسوء الخدمة وقد تسبب ذلك في إزهاق أروح بريئة مسكينة فقيرة وكلكم تعلمون ذلك وتعايشونه، والعامل المشترك في الفساد بين هذه المؤسسات هو الإهمال والتقصير.
والتعدي على لوازم العمل، وعدم الإتقان، وعدم الانضباط والالتزام بنظم العمل، والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص، وبخس العامل حقوقه، وهكذا فإن الوفاء خُلق الكرام، به يسعد الفرد في الدنيا والآخرة وبه يعيش المجتمع في أمن وأمان فالحقوق محفوظة والأعراض مصونة والحب والتراحم يسود بين أفراد المجتمع وبه ينال المسلم رضا ربه ويهنأ بدخول جنته، وإن أمتنا الإسلامية هى أمة الوفاء رجالا ونساء صغارا وكبارا قادة وجندا حكاما ومحكومين في الحرب والسلم وفي الشدة والرخاء، فهو دين تتعبد الله به ومتى ما تنصلت هذه الأمة عن هذه القيم والمبادئ والأخلاق في علاقاتها مع بعضا البعض أو مع غيرها من الأمم فأن سنن الله ستطويها وعقاب الله سيحل بها كما حدث للأمم السابقة.
ولقد وصف الله تعالى من لا يوفي بعهده بالخسران، وإن من المسلمين اليوم من تجد تقصيرهم ونكثهم لعهد الله ورسوله، وتنكرهم لدينهم بارتكاب الذنوب والمعاصي ومخالفة أوامر الدين والتفريط في الثوابت والمقدسات وموالاة الأعداء والركون إليهم، وهناك من يتنكر لوطنه وأمته رغبة في منصب أو جاه أو مال أو هوى، وظهر الغدر والخيانة وضيعت الأمانات بين الناس في المعاملات والعلاقات بينهم وضعفت الأخوة بين المسلمين فسفكت الدماء وحلت القطيعة والهجران وساءت الأخلاق وإن السبيل للخروج من هذه الفتن هو أن نفي بعهد الله بتقوية الإيمان والبعد عن الشرك وإقامة فرائض الدين وتزكية النفوس بالأخلاق الفاضلة ومراقبة الله والتطلع والشوق إلى جنته وأن نكون أوفياء لدينه، أوفياء مع بعضنا البعض، أوفياء للحق الذي نحمله، وقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم العهود.