من مات فقد قامت قيامته
قال الامام ابن القيم رحمه الله ان الله سبحانه وتعالى جعل لابن ادم معا دين وبعثين يجزي فيهما الذين اساءوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى
فالبعث الاول مفارقه الروح للبدن ومصيرها الى دار الجزاء الاول
والبعث الثاني يوم يرد الله الارواح الى اجسادها ويبعثها من قبورها الى الجنه او النار وهو الحشر الثاني ولهذا في الحديث الصحيح وطقم بالبعث الاخر فان البعث الاول لا ينكره احد وان انكر كثير من الناس الجزاء فيه والنعيم والعذاب
وقال ايضا وقد ذكر سبحانه وتعالى هاتين القيامتين وهما الصغرى والكبرى في سوره المؤمنين وسوره الواقعه وسوره القيامه وسوره المطففين وسوره الفجر وغيرها من السور وقد اقضى عدالته وحكمته ان جعلها داري جزاء المحسن والمسيء ولكن توفيه الجزاء انما يكون يوم الميعاد الثاني في الدار القرار كما قال تعالى الآية 185 من سورة آل عمران
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾
وقد اقضى عداله واوجبت اسمائه الحسنى وكماله المقدس تنعيم ابدانه اوليائه وارواحهم وتعذيب ابدان اعدائه وارواحهم فلا بد ان يضيق بدن المطيع له وروحه من النعيم واللذه ما يليق به ويضيق بدن الفاجر العاصي له وروحه من الالام والعقوبه ما يستحقه هذا موجب عدالته وحكمته وكماله المقدس فالقيام الصغرى هي الموت فقل من مات فقد قامت قيامته وحان حينه ففي صحيح البخاري ومسلم عن السيده عائشه رضي الله عنها قالت كانَ الأعْرَابُ إذَا قَدِمُوا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَنَظَرَ إلى أَحْدَثِ إنْسَانٍ منهمْ، فَقالَ: إنْ يَعِشْ هذا، لَمْ يُدْرِكْهُ الهَرَمُ، قَامَتْ علَيْكُم سَاعَتُكُمْ
قال ابن كثير والمراد انخرام كرنهم ودخولهم في عالم الاخره فان كل من مات فقد دخل في حكم الاخره وبعض الناس يقول من مات فقد قامت قيامته وهذا الكلام بهذا المعنى صحيح