ادب وثقافة

يا شيخ البحَّارين

جريدة موطني

يا شيخ البحَّارين

يا شيخ البحَّارين ،
يا شيخ العارفين في البحر .
أرفق بنا يا شيخ البحر ،.
ارسل يديك نحو الطُرُق المنسيَّة،
واكتب عليها آياتٍ من الشعرِ.

قلبي متعبٌ يا شيخ البحارين
منهكٌ، مثقلٌ بخطوط العمرِ.
قد جئتُ بالنجومِ نقاطاً على حروفي
أُضيءُ بها فوانيسَ الفجرِ.

يا شيخَ البحارين،
على هذا الشاطيء بيتي .
وفي هذا البيت طفلتي ،
وللطفلة أهل،
فوق البحرِ نوارسٌ سودٌ
تتلذَّذُ بالغوص خلف الأسماكِ
وتقتلنا في بلاد القهرِ.

تلألأت عيناي من شغفٍ،
أعدتُ للنجوم حلاوتها ،
فدع الطفلة تلهو قليلاً ،
لا لعب مع الخيال،
شيءٌ ما فوق الغيم أتعبها،
تسلقت كتفي ، تمنَّت لو تنام،
فالبحر لشدة رونقه
أسكتَ فمها عن الكلام.
تأخذني كبسمةٍ باردةٍ
وتنساب من قميص الزمان
وترتشفُ كأسها من خمري .

يا شيخ البحر إني تائهٌ لا أعرف طريقي .
أنادي فلا يسمعني سوى وحدتي .
أطرقُ أبوابك فلا أحد،
لقد اعتدتُ الطرق على أبواب الروح،
في مهب العاصفة والليل الطويل.

يخيف طفلتي صوتٌ،
قادمٌ من أعالي الرمال،
تصرخ للصدى فلا صدى يجيب،
ويصير الصراخ بكاءً وعويل.

شيخ البحارين الآن في نشوتهِ،
نسيَ دفَّته وغاب في البحر .
فحاناة البحر كثيرةٌ توقدُ اللذةَ
ويداه ترتعشان تزيلان عنه ملامح السكرِ.

بعض المشهِّيات يا شيخنا ،
يا شيخ العقل المتعب،
هل رأيت سفناً تتعبُ من البحر؟
هذا الشاطيء لم يعد لنا ،
هذا البيت لم يعد لنا ،
تعبَت طفلتي من زعيق النوارس
هذب النوارس عادت لتقتلنا.
وتأخذنا إلى حيث لا ندري
ولا تترك على آثارنا أي دليل.

أوقد فنارك في هذا الليل دليلاً،
فالسفن التائهةُ غادرت بعيداً
يا شيخ البحارين
النجوم لشدة بكائها انطفأت،
وبدَت السماءُ شالاً أسوداً،
فوق كتف السفينة.
هذا البكاء أطفأ كلَّ القناديل،
أغرقَ كلَّ الأشياء في العتمةِ
إلا روحك ، أرادت العودة،
لا شأن للناس بالبحر
إلا أنت يا شيخ البحارين .

د.أنور مغنية 2023 12 04

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار