الدكروري يكتب عن إحتقار الجار لجار
الدكروري يكتب عن إحتقار الجار للجار
بقلم / محمـــد الدكــــروري
إن إحتقار الجار لا يصدر من ذي خُلق كريم، أو دين قويم، وإنما يفعله الذين لم يتربوا تربية فاضلة، وأيضا من المضايقات هو كشف أسرار الجار فالجار أقرب الناس إلى جاره، وهو أعرفهم في الغالب بأسراره، فمن اللؤم والأذية للجار وكشف سره، وهتك ستره، وإشاعة أخباره الخاصة بين الناس، وأيضا تتبع عثرات الجار، والفرح بزلاته، فمن الجيران من يتتبع عثرات جيرانه، ويفرح بزلاتهم، ولا يكاد يغض الطرف عما يراه من أخطائهم وهفواتهم، وإن من المضايقات أيضا هو تنفير الناس من الجار، ومن ذلك تنفير الناس من بضاعة الجار إن كان التجاور في المتجر، كما يفعل بعض من لا خلاق لهم، حيث يبادرون المشتري بذم جيرانهم، حتى يُقبل الناس على بضاعتهم.
ويعرضوا عن بضاعة جارهم، وأيضا التعدي على حقوق الجار وممتلكاته، ومن صور التعدى هو سرقة الإنسان من جاره، أو تعديه على أدوات جاره في الفصل أو المكتب، أو المزرعة، أو غيرها، أو المصنع، أو نحو ذلك، ومن ذلك الكتابة على جدار الجار، ويقبح الأمرإذا كانت كتابات بذيئة، فعلى من كتبها أن يزيلها، وأن يستبيح الجار، أو يعوضه، لأن ذلك تعدى عليه، وتشويه لجداره، ومن التعدي على الجار إيذاء أبنائه، والعبث بسيارته وسائر ممتلكاته، وكل ذلك داخل في أذية الجار والتعدي عليه، فيجب على الإنسان أن يفطن لمثل تلك الأمور، وألا يحقر شيئا من أذى الجار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إنه لا قليل من أذى الجار” وجاء في حديث المقداد بن الأسود.
قول النبي صلى الله عليه وسلم” فما تقولون في السرقة؟ قالوا حرمها الله ورسوله، فهي حرام، قال صلى الله عليه وسلم “لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات، أيسر عليه من أن يسرق من جاره” وأيضا إيذاء الجيران بالجلبة، فمن الجيران مَن لا يأنف من إيذاء جيرانه بالجلبة، إما برفع الأصوات بالغناء والملاهي، أو برفع الصوت بالشجار بين أهل البيت، أو بلعب الأولاد بالكرة وإزعاجهم للجيران، أو بطرق باب الجار، وضرب جرس منزله دون حاجة، أو بإطلاق الأبواق المزعجة أمام بيت الجار خصوصا في الليل، أو في أوقات الراحة، فلربما كان أحد الجيران مريضا، أو كبيرا لا ينام إلا بشق الأنفس، أو لديه طفل يريد إسكاته وتهدئته.
فلا يستطيع ذلك بسبب الإزعاج والجلبة، وأيضا من المضايقات هو خيانة الجار والغدر به، ومن صور ذلك الإغراء بالجار، والتجسس عليه، والوشاية به عند أعدائه، ومن صور ذلك تتبع عورات الجار، والنظر إلى محارمه عبر سطح المنزل، أو عبر النوافذ المطلة عليه، أو حال زيارة الجيران لأهل ذلك الغادر، فذلك العمل من أقبح الخصال وأحطها، وهو مما يترفع عنه الكرام، فلا يصدر إلا من جبان لئيم، خسيس الطبع، ومن صور الخيانة والغدر بالجار، هو التردد على الجارة طمعا بها، ومن صور الخيانة والغدر بالجار معاكسة محارم الجار عبر الهاتف، فهناك من يؤذي جيرانه بالاتصالات الهاتفية، والتي يبتغي من ورائها أن يظفر بمكالمة غادرة.
يستجر بها إحدى المحارم بكلامه المعسول وبعباراته الرقيقة، وأيضا قلة الحرص على التعرف على الجيران، فمن الناس من لا يعرف جاره الملاصق، وربما دامت الجيرة سنوات عديدة وهم على هذه الحال، إما تجاهلا، أو تهاونا، أو اشتغالا بالدنيا، وقلة الفراغ للتعرف على الجيران، أو نحو ذلك، ويكثر هذا في المدن الكبرى، ولا ريب أن هذا الصنيع تفريط وتقصير، فمن حق الجار أن تتعرف عليه، وأن تتحبب إليه، وتتودد له.