برا الولدين
برا الولدين
كتبت وفاء فتحي
برا الولدين
يا من تحتِ قدميّك جنّتي: اعذريني إن قصّرت يوماً.
أسهل الطرق لإرضاء ربّك؛ هي إرضاء والديك. إن الله تعالى قسّم هذه الحقوق وجعلها مراتب، وأعظم تلك الحقوق الحق العظيم، بعد حقّ عبادة الله سبحانهُ وتعالى وإفراده بالتوحيد، وهو الحقّ الذي ثنّى به سبحانه وما ذكر نبيًّاً من الأنبياء، إلاّ وذكر معه هذا الحقّ، الذي من أقامه يكفّر الله به السيئات، ويرفع به الدرجات، ألا وهو الإحسان للوالدين. قلب الأم حفرة عميقة؛ ستجد المغفرة دائماً في قاعها. أيّها الابن: الوالدان؛ بابان للخير مفتوحان أمامك، فاغتنم الفرصة قبل أن يغلقّا، واعلم أنّك مهما فعلت من أنواع البرّ بوالديّك؛ فلن ترد شيئاً من جميلهما عليك. برّ الوالدين؛ أن تبذل لهما ما ملكت، وتطيعهما فيما أمراك، ما لم يكن معصيّة. لما ماتت أم إياس بن معاوية بكى عليها، فقيل لهُ: ما يبكيك، فقال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة؛ وأغلق أحدهما. اكسب طاعة ابنك بطاعة والديك، لا يغلق أمامك باب، إلا ومفتاحهُ؛ ببرّ والديك. ما من مؤمن لهُ أبَوّان فيصبح، ويمسي، وهو محسن إليهما؛ إلّا فتح الله له بابيّن من الجنّة. تسقطُ الرجولةُ؛ إذا ارتفع صوتك على من تعب في تربيّتك. برّ الوالدين ليس شعارات ترفع؛ إنّما هو تطبيق عمليّ. يمكنك أن تنسّيني كل شيء؛ إلّا ما تعلّمته من أمّي. الكون على اتّساعه لا يضاهي أبداً سعة قلب أبي. إن رجلاً من أهل اليمن حمل أمه على عنقه، فجعل يطوف بها حول البيت، وهو يقول: إنّي لها بعيرها المدلل، إذا ذعرت ركابها، لم أذعر وما حملتني أكثر، ثم قال لابن عمر: أتراني جزيتها؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما: لا، ولا بزفرة واحدة من زفراتِ الولادة. من قال أفٍ فقد عقَّ والديه، فكيف بمن قال أعظم من ذلك، وكيف بمن قاطعهما أو أساء إليهما. إذا جعلك والديك أميراً مدللاً في صغرك، فاجعلهم ملوكاً في كبرك. إنّ من أعظم حق الوالدين؛ أن قرن الله حقهما بحقه في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالله له نعمة الخلق والإيجاد، والوالدين لهما بعد الله؛ نعمة التربية والإيلاد. أحنّ إلى الكأس التي شربت بهِ أُمي، وأهوى لمثواها التّراب وما ضمَّ. علمتّني يا أبي معنى السعادة، وأهديتَني من طيبة قلبك قلادة، وجدتُ فيك الوفاء بكبرِ الوطن والبلدان، وأنت الوطن الذي عشت رافعاً رأسي لهُ. طيبة الأب أعلى من القمم، وطيبة الأم أعمق من المحيطات. كما أعطوك حقك في ضعفك؛ فلا تنسَ حقهما في ضعفهما. برّ الأم والأب طريق للدخول الجنة، إذا تريد أن يبرّك أبناؤك فبرّ والديك. إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقّاً لوالديه ليعجل له العذاب، وإن الله ليزيد في عمرِ العبد؛ إذا كان باراً؛ ليزيد برّاً وخيراً. كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة، إلا العقوق؛ فإنّه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان. أطع الإله كما أمر، واملأ فؤادك بالحذر، وأطع أباك فإنّه ربّاك
وبالولدين احسنانا