عندما تكون أنت الجاسوس … ؟؟
؟
كتب : وائل عباس
أرتبطت صورة الجاسوسية فى أذهاننا بتلك الصورة التى رسمتها لنا الدراما . سواء العربية منها أو العالمية ؛ والتى يكون طرفيها غالبا أجهزة مخابراتية لدول تتصارع حدوديا ؛ أو تلك الدول التى تتنافس أقتصاديا على مناطق النفوذ وريادة العالم ؛ والتى بطلها غالبا ما يكون أحد العملاء أو الجواسيس الذى تم تجنيده وتدريبه وزرعه فى المجتمع المعادى لجلب المعلومات السرية ؛ سواء كانت عسكرية أو أجتماعية أو حتى عن أحوال الناس فى المجتمعات المستهدفة .
ولكن هل تخليت ولو لحظة أن هذه الصورة هى صورة بائدة لما كان عليه التجسس فى الماضى ؛ أما الآن فقد آلت الجاسوسية إلى طرق حديثة لا تحتاج لتعب وعناء الماضي من حيث فرز وتجنيد وزرع الجواسيس .
هل تصورت ولو للحظة أنك ربما أصبحت جاسوسا دون أن تدرى ؟
هل تخيلت أنه لربما قد تم تجنيدك وتدريبك وزرعك ؛ دون سؤالك أو حتى الأخذ برأيك فى تجنيدك هذا … !!!
وإليك أحدى صور التجسس الحديثة والتى كانت أحدى أسباب توتر العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ؛ بل لم يقتصر الأمر على ذلك ؛ بل قامت كلتا الدولتين العظمتين بأغلاق قنصلية الدولة الأخرى على أراضيها ؛ وأتهام العاملين بها بالتجسس والخروج عن النهج الديبلوماسى .
أنه تطبيق ال ” تيك توك ” الذى كاد الرئيس الأمريكي الأسبق ” دوناد ترامب ” أن يقدم على قرارا بحظره حفاظا على الأمن القومي الأمريكي ؛ لولا أن تدخل مستشاروه خوفا من تدنى شعبيته ؛ وذلك لأن التطبيق يحظى بأكثر من ١٠٠ مليون مشترك أمريكي ؛ وهذا بالطبع يؤثر سلبا على بقائه سياسيا .
فتحول ترامب إلى شراء التطبيق عن طريق بعض الشركات الأمريكية ك ” مايكروسوفت ” والشركة المالكة ل ” تويتر ” أنذاك ؛ ولكن بائت المحاولات بالرفض التام من قبل الحكومة الصينية المالك الغير مباشر للتطبيق .
ولقد سن مجلس الشيوخ الأمريكي قانونا يمنع جميع موظفي الدولة من أستعمال تطبيق ” تيك توك ” من على حواسيب جميع المصالح والهيئات الحكومية ؛ بل تم القبض على أحد الموظفين بعد سن هذا القانون ووجهت له تهمة الخيانة العظمى .
ويقوم التطبيق بالتجسس عليك لا أراديا ؛ من خلال معرفة كل المعلومات الشخصية والجوانب الحياتية والأجتماعية عنك من خلال ما تقوم بنشره سواء عن دراية أو بصورة تلقائية ؛ ويقوم الذكاء الأصطناعي بتحليل كل تلك المعلومات ليحدد شخصيتك وما تحبه وما تكرهه ليتم توجيهك ؛ وذلك عبر طريقة عرض المحتوى وكيفية توجيهه وذلك للتأثير على الرأى العام فى الدولة المستهدفة ؛ ويكون ذلك غالبا من خلال ڤيديوهات المستخدمين ليبدو الأمر عاديا ؛ وبذلك يضمن عدم المواجهة قانونيا وليتظاهر التطبيق ومن ورائه بالشفافية والحيادية والبعد عن السياسة .
ولقد أثر ذلك التطبيق سلبا فى مصر ونتجت عنه أزمة أخلاقية من خلال التسابق على أنتاج ڤيديوهات الرقص والخلاعة والغناء ؛ ولكن هذه النتائج ليست هى النتائج المنشودة وحدها ولكن أيضا التأثير على الرأي العام وتوجيهه هى غاية المنتهى .
وبالمثل نجد أن تطبيق ” الفيس بوك ” من التطبيقات المحظورة على الشعبين الصينى والكورى الشمالى فهم يعلمان جيدا أن التطبيق ما هو إلا أداة للتجسس على شعوبهم .
من هنا يجب أن ننتبه من هذه التطبيقات وطريقة أستخدامها والتعامل معها ؛ وأن نترك حسن النية جانبا ؛ يجب علينا أن نتعامل مع تلك التطبيقات كأسلحة هجومية موجهة علينا ؛ ويجب التنبيه على شبابنا بأخذ الحيطة والحذر ؛ كما يجب على المؤسسات الدينية الرسمية للدولة أن تقوم بدور فعال لتوعية أبنائنا وبناتنا والتشديد على عدم انتهاك المحارم .
نحن نخوض حربا ضروس تأتى من كل حدب وصوب ؛ نسئل الله العلى القدير أن يجنبنا الفتن ويحفظ أبنائنا وبناتنا من همزات الشياطين وكيد الأعداء .
حفظ الله الوطن قيادة وجيشا.
عندما تكون أنت الجاسوس … ؟؟
؟