***(( حكاية صورة ))***
قصر رأس التين
وليد حسين عمر
يحكي أن…
قصر رأس التين واحداً من أقدم القصور الملكية الموجودة في مصر، ويُعد أحد المعالم التاريخية والأثرية بالإسكندرية، وهو الذى شهد وعاصر قيام أسرة محمد علي باشا فى مصر والتى إستمرت نحو مائة وخمسين عاما.
بدأ محمد على باشا في بنائه عام ١٨٢٨م ليضمه إلى أملاكه بالإضافة إلى القصور الأخرى التي كان يملكها في الإسكندرية مثل قصر المحمودية وقصر إبراهيم باشا وقد إستعان فى بنائه وإصلاحه فيما بعد بمهندسين أجانب منهم المهندس الفرنسى سيريزى بك، والذى إستقدمه محمد على لإنشاء دار الصناعة والإشراف عليها، وقد عهد إليه بتصميم جناح الحرم والذى سكن فيه “الباشا” بمجرد إكتماله، وظلت أعمال الإضافة والتطوير به قائمة من حوله. كما شارك في بنائه مهندسان آخران هما روميو والمسيو (السيد) ليفرويج، وقد تم بناء هذا القصر بالكامل عام ١٨٤٥م، وقد إستغرق بناؤه سبعة عشر عاما، ولكن أعمال تكميلية وإنشاء أجنحة إضافية ظلت قائمة به إلى عام ١٨٤٧م،حيث تم افتتاحه رسميًا.
وقد هدمه الخديو إسماعيل بالكامل وأعاد بنائه بالطراز الحالى وشكله المعروف عام ١٨٦٩م، ليكون مقرا للحاكم فى الإسكندرية، مثل قصر عابدين بالقاهرة، وأيضا تم ربط القصرين بخط سكة حديد خاص يركبه الحاكم وحده ظل يعمل إلى نهاية الخمسينات من القرن العشرين. ولايوجد من القصر القديم حاليًا سوى الباب الشرقى الذى أدمج في بناء القصر الجديد، ويتكون من ٦أعمدة جرانيتية تعلوها تيجانًا مصرية تحمل عتبًا به سبعة دوائر على هيئة تاج من النحاس كتب بداخلها آيات قرآنية وكلمات مأثورة مثل (العدل ميزان الأمن) – (حسن العدل أمن الملوك) – (العدل باب كل خير) – (اعدلوا هو أقرب للتقوى)، ويكتنف هذا العتب من طرفيه تمثالا أسدين، وتتوسطهما كتلة رخامية بها طيور ودروع نسرين متقابلين، وكتب بوسطها اسم (محمد عليى) وتاريخ ١٢٦١ ه وما زال موجود إلى الآن.
شهد هذا القصر عديد من الأحداث التاريخية، ففيه مثلا توفى محمد على باشا ومن بعده إبنه محمد سعيد باشا والى مصر، وفيه أيضا أُدخل التليفون لأول مرة في مصر عام ١٩٧٩م أواخر فترة حكم الخديوى إسماعيل. وفيه إحتمى الخديوي توفيق بالسفن الإنجليزية خوفا من إنقلاب العرابيين عليه فى أحداث الإحتلال الإنجليزى عام ١٨٨٢م. كما شهد صدور عديد من القرارات والمراسيم والقوانين الهامة، من عديد من الملوك والحكام السابقين. وأيضا شهد نهاية حكم الأسرة العلوية فى مصر عندما شهد رحيل الملك فاروق إلى منفاه بإيطاليا على ظهر اليخت المحروسة من رصيف ميناء رأس التين.
حاليا يُعد قصر رأس التين أحد أفخم وأجمل وأكبر القصور الرئاسية بمصر، شاهدا على فترة هامة من التاريخ الحديث.
حفظ الله مصر وشعبها وجعلها كما تستحق أمة عظمى بين الأمم
