المقالات

الخلق أبقى من جمال الخَلق، وغنى النفس

جريدة موطني


إن اللائق بذي المروءة والنخوة والشهامة والرأي من الرجال أن يجعل ذوات الدين مطمح النظر وغاية البغية، لأن جمال الخلق أبقى من جمال الخَلق، وغنى النفس أولى من غنى المال وأنفس، والعبرة العبرة في الخصال لا الأشكال، وفي الخلال لا الأموال، ومن هنا فضّل الإسلام صاحبة الدين على غيرها، ولو كانت أمة سوداء، فقيل كانت لعبد الله بن رواحة أمة سوداء، فلطمها في غضب، ثم ندم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال ما هي يا عبدالله؟ قال تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد الشهادتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “هذه مؤمنة، فقال عبدالله، لأعتقنها ولأتزوجنها، ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا نكح أمة، وكانوا يفضّلون أن ينكحوا إلى المشركين رغبة في أحسابهم.

فنزل قوله تعالى ” ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم” وإن من المحرمات كذلك هي الزانية لقوله تعالى ” والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك علي المؤمنين” وللحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده “أن مرثَد بن أبي مرثَد الغنوي كان يحمل الأسارى بمكة، وكان بمكة بغي يقال لها عناق وكانت صديقته، قال جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أنكح عناق؟ قال فسكت عني، فنزلت” والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك” فدعاني فقرأها عليّ وقال لا تنكحها” وللحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله” وقال الشوكاني “هذا وصف خرج مخرج الغالب باعتبار من ظهر منه الزنا.

وفيه دليل على أنه لا يحل للرجل أن يتزوج بمن ظهر منها الزنا، وفيه دليل على أنه لا يحل للرجل أن يتزوج بمن ظهر منها الزنا ويدل على ذلك الآية المذكورة في الكتاب الكريم، لأن آخرها ” وحرم ذلك علي المؤمنين” فإنه صريح في التحريم، وقال الشنقيطي إن أظهر قولي العلماء عندي أن الزانية والزاني إن تابا من الزنا، وندما على ما كان منهما، ونويا ألا يعودا إلى الذنب، فإن نكاحهما جائز، فيجوز له أن ينكحها بعد التوبة، ويجوز نكاح غيرهما لهما، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، لقوله تعالى في سورة الفرقان ” إلا من تاب وءامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما” فالتوبة من الذنب تذهب أثره، أما من قال إن من زنى بامرأة لا تحل له مطلقا ولو تاب، فقولهم خلاف التحقيق”

وإن المسلم الفاضل الذي يؤمن بالله ربا ومحمد نبيا وسولا، لا يمكن أن يرضى بالحياة مع زانية، أو يعاشر امرأة غير مستقيمة، والله تعالي شرع له الزواج لتكون الزوجة له سكنا، ويكون بينهما مودة ورحمة، فأين المودة التي يمكن أن تحصل بين مسلم فاضل وزانية؟ وهل يمكن لنفسه أن تسكن إلى نفسها الخبيثة الداعرة؟ فقد قال ابن القيم ” ومما يوضح هذا التحريم أن هذه الجناية من المرأة تعود بفساد فراش الزوج، وفساد النسب الذي جعله الله بين الناس لتمام مصالحهم، فالزنا يفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب، فمن محاسن هذه الشريعة تحريم نكاح الزانية حتى تتوب وتستبرئ”.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار