قصة

سيد بودابست

جريدة موطنى

سيد بودابست

بقلم م محمود عبد الفضيل/ مصر

نشأ سيد في منطقة شعبية لأسره بسيطة يعمل والده قهوجيا في قهوة بلدي وأمه ست بيت غير متعلمة. وله العديد من الإخوة في مراحل التعليم المختلفة

ونظرا لوجود سيد في تلك المنطقة العشوائية الحبلى بالمشاجرات والبلطجة

وتنمر الأولاد ببعضهم البعض

نما عند سيد رغبه في أن يكون قويا حتى يهابه الجميع ويخاف منه أقرانه فكمْ من مرة تعرض للمضايقات والإيذاء من بعض أولاد المنطقة ونظرا لضعف بنيانه كان يتلاشى تلك المواقف ويخرج منها بأقل الخسائر. كان في المساء يذهب إلى القهوة التي يعمل بها والده ليساعده من ناحية ومن ناحية أخرى كان يتابع مباريات المصارعة الحرة ويحفظ أسماء اللاعبين وكان عشقه الأكبر جون سينا نظرا لأن جسمه ليس بالضخمة المعهودة مثل باقي لاعبي المصارعة ولكنه يتميز بالمهارة والذكاء وحب الجماهير له. كان يضع بوسترات أندر تيكر وهوجان وجون سينا على حوائط غرفته المتهالكة ويحاول أن يقلد ميكانيزم الحركات مع أصدقائه وإخوته مما تسبب في العديد من الإصابات لهم. ذهب إلى مركز شباب المنطقة واشترك في فريق المصارعة ورحب به المدرب الذي كان يعاني من قلة اللاعبين نظر لاشتراك كل أولاد المنطقة في فرق كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى والساحرة المستديرة ومعشوقه الجماهير

بدا سيد التدريب بإمكانات بسيطة كان كل همه أن يتقن فنون المصارعة بنوعيها الحرة والرومانية وكمْ من مرة تعرض للضرب الشديد من مسئولي المركز لأنه دخل غرفه الحديد المسماة مجازا بالجيم حيث إن المتاح فيها فقط بارات حديد وأوزان وكثير من الدامبلز أما الأجهزة فهي تنتظر منذ سنوات بعض القرارات والروتين حتى يتم وضعها في الصالة وأصبحت الأجهزة في حاله يرثي لها لطول مده انتظار هذا القرار.

قرر سيد حتى يحافظ علي كرامته عدم الذهاب إلى الجيم مرة أخرى وحل المشكلة بصناعة الأوزان والبار بطريقه مبتكره باستخدام عصاية غليه وكوزين سمن فارغين يضع فيهما أسمنت وبذلك أصبح لديه جيم متكاملا في غرفته.

مرت الأيام سريعا ورشح المركز للاشتراك في بطولة الجمهورية وسافر سيد إلى الإسكندرية للاشتراك تحت قيادة كابنته علي باروليه. إبلي سيد في البطولة بلاء حسن ولم يتمكن من الفوز بالميدالية الذهبية نظرا للمجاملات الصارخة في التحكيم والانحياز الكامل للفرق الكبرى لأنه ليس من اللائق أن يفوز مركز شباب بدائي من منطقة شعبية علي ناد عريق. وليس من العقل أن يفوز سيد ابن القهوجي علي فلان البيه ابن الباشا

لم يستوعب عقل سيد كل هذه الحسابات المعقدة والتحليل العميق لأسباب الفوز الذي لايمت بصله لمهارات اللعبه بقدر الحسابات و المصالح و التوازنات. 

ولكن في نهاية البطولة تم اختياره من قبل أحد الأندية الاستثمارية للعب باسمها مقابل مبلغ مالي جيد وبعد موافقة ولي الأمر الذي رحب بالتعاقد لأنه سيساهم بنسبة كبيرة في مصروف الأسرة وتربيه الأبناء

تدرب سيد بكل قوة واستغل إمكانيات النادي في التدريب الشاق ما بين جرى في التراك وجيم مفتوح على مصرعيه طوال اليوم وسونا وخلافه حتى أصبح في فورمه عالية

وفي العام التالي دخل بطولة الجمهورية وفاز بها عن جداره واستحقاق مع شراسة في الأداء يتذكر في كل مباراة كم الظلم الذي وقع عليه في البطولة السابقة وكمْ كانت دموعه تسبقه وهو يهرع إلى غرفة الملابس بعد كل مباراة ينهزم فيها دون وجه حق. بعد البطولة تم ضمه إلى المنتخب المسافر إلى بولندا للاشتراك في معسكر استعداد لبطولة أفريقيا التي ستقام في نهاية العام في بوركينافاسو.

وفي المعسكر تابعه أحد لاعبي المصارعة القدامى في بولندا حيث لفت نظره سرعة حركه سيد ومهاراته ورد فعله وشراسته علي البساط.

ذهب المدرب البولندي إلى سيد وأخبره أن هناك عرضا لضمه لفريق العاصمة وان كل ما عليه هو ترك المعسكر ولقاء لاتو في أحد الفنادق القريبة من مقر أقامه الفريق

ظل سيد طوال الليل يفكر في الأمر هل يهرب من المعسكر ويبدأ حلمه في تلك الدولة التي تتفوق في هذه اللعبة أم يستمر مع فريقه خاصة أنه متأكد من فوزه في بطولة أفريقيا.

اتجه سيد بعد التدريب وأثناء الجولة الحرة إلى الفندق والتقي بلاتو الذي اصطحبه إلى النادي. وتعاقد معه على اللعب لمده موسمين بمرتب متميز مع نسبه عمولة في حال إقناعه زملائه باللعب في بولندا وعدم الرجوع مع البعثة. بدا سيد في جس نبض بعض المقربين منه والكل وافق لرغبتهم في الاحتراف والعيش في أوروبا

اتفق الجميع على ترك المعسكر ليله السفر والتوجه إلى لاتو للتعاقد معه

وفي يوم السفر استيقظ رئيس البعثة والمدربون والإداريون للإفطار وتجميع اللاعبين استعدادا للسفر ولكن المفاجأة أنه لأحد منهم موجود في المقر

حزم الإداريون والمدربون شنطهم وهداياهم وتوجهوا إلى المطار والكل يضرب كفا بكف كيف حدث هذا.

تسرب الخبر إلى الصحافة وانقسم الصحفيون إلى نصفين إحداهما تهاجم اللاعبين وتتهمهم بالخيانة والهروب من الميدان خاصة أن بطولة أفريقيا على الأبواب والنصف الآخر انبرى لمهاجمه المسئولين وتحميلهم مسئوليه تلك الفضيحة. حتى خرج سيد في بث مباشر يطمئن أهله أنه حصل على الجنسية البولندية وسيمثل بولندا في بطولة العالم القادمة في وزن الديك.

وبدأت الصحف في التهكم من باب السخرية على المسؤولين مثل مقال أوعي الديك ليديك للكاتب والناقد الرياضي حسن شلوف الذي أطلق على تلك الأحداث فضيحة سيد بودابست. بث سيد الكثير من الفيديوهات لتدريبهم مع المنتخب البولندي

وقبل البطولة بيوم أرسل سيد فيديو يتكلم نيابة عن زملائه مدافعا عن نفسه وعنهم ينفي فيه تهمه الخيانة عنه وعن زملائه ويصرح أن الخائن الحقيقي هو من جعل تلك المواهب تهرب إلى الخارج

نتيجة إهمال أو فساد أو محسوبيات

وان الذي حدث هو عرضا لمرض

وان الموضوع سيتكرر ليس في المصارعة فقط ولا الرياضة فقط ولكن في كل المجالات طالما لم نعالج أساس المشكلة

وأخيرا فازت بولندا ببطولة العالم للمصارعة

الحرة والرومانية وغني الفريق البولندي الجنسيه العربي الأصل 

يا حبيبتي يابولندا

يابولندا 

وبولندا اليوم في عيد 

سيد بودابست

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار