المقالات

” د : شيرين العدوي ” تدعو إلي حماية اللغة العربية من هجمات العولمة

جريدة موطني

” د : شيرين العدوي ” تدعو إلي حماية اللغة العربية من هجمات العولمة

كتب – علاء حمدي

دعت الدكتورة ” د : شيرين العدوي – استاذ الإعلام بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب MAS وعضو اتحاد كتاب مصر وعضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة إلي حماية اللغة العربية من هجمات العولمة حيث أكدت إن حماية اللغة العربية من هجمات العولمة هي واجب من أجل الهوية ، فاللغة العربية هي السياج المتين الذي يحميها من آثار العولمة، ومناهضة العولمة تستدعي توعية المجتمع العربية وتعريفهم بأهدافها الخبيثة وجوانبها السلبية، ومن واجب الأمة العربية حماية لغتها وتراثها وبيان الجوانب المضيئة في حضارة أمتنا وتاريخنا.
وقالت الدكتورة شيرين العدوي أنه عَرَفَ عظمة اللغة العربية مَنْ اطلع عليها وتعلمها وغاص في أسرارها من العرب في القديم والحديث، ولا عجب في أنْ يشهدوا بعظمتها لأنهم أهل اللغة، والاطلاع على أقوالهم يزيدنا علماً وثقةً بها، لكن الاطلاع على شهادات غير العرب في العربية له طَعْمٌ آخر، لأنّهم عرفوا قيمةَ لغتنا وهم ليسوا منّا، وهو ما يدفعنا إلى محاولة معرفة ما عرفوه منها، لنزداد اعتزازاً بها ونغرس الاعتزاز في نفوس أبنائنا وترى بعض العجم من غير المسلمين وهو يكيل المديح والإشادة بالعربية لما رآه فيها من مواطن العظمة.
وأشارت الدكتورة شيرين العدوي إلي غرس الاعتزاز باللغة العربية في نفوس أبنائنا حيث تعكس الهوية والمواطنة لديهم حيث سارت اللغة العربية مع المد الإسلامي الذي انطلق من شبه الجزيرة العربية، ابتلعت لغات كثير من الشعوب التي اختارت الإسلام لها دينًا، واللغة العربية لها لسانًا، فتكلمها بطلاقة غريبه، واستطاعت أن تسهم في إثراء التراث العربي في مجالات الحياة المختلفة، في الطب والصيدلة والرياضيات والكيمياء والفلك، ولم تكتف بكل هذا فأسهمت أيضًا في الأدب واللغة والنحو. وفي عصورها الزاهرة استطاعت اللغة العربية أن تستوعب تراث الأمم القديمة من فرس وإغريق وسريان وغيرهم، وأن تقدمه للبشرية سائغًا شرابه، لذيذٍا طعمه، فأثرت الفكر الإنساني والحضارة الإنسانية في مجالات العلوم المختلفة البحتة والتطبيقية.
واكدت د شيرين العدوي أن اللغة العربية أثبتت من ناحية أخرى أنها قادرة على استيعاب كل ثقافات الأرض حتى غدت في أواخر القرن الثاني عشر للميلاد لغة العلم والحضارة، وأصبح العالم يتكلم بالعربية لمدة تزيد على ثمانية قرون من عمر الزمان، كانت الأمة قوية فقويت معها لغتها. وأقبل علماء أوروبا على تعلمها وترجمة تراثها العلمي إلى اللاتينية فيما يُعرف بعصر الاستعراب الأوروبي. ولم يكن مصادفة أن يبرز من بين الشعوب غير العربية، من يثري هذه اللغة شعرًا ونثرًا وتأليفًا في شتّى المعارف والفنون. بل إننا ليأخذنا العجب حين نرى أن أعظم علماء العربية هو سيبويه الفارسي، وحين نرى أعظم شيوخ الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وكلهم من أصول غير عربية ومن بلاد شديدة البعد عن شبه الجزيرة العربية. ولعل مما يلفت النظر أيضًا أن شعوب الأرض التي ارتضت الإسلام دينًا لها قد ارتضت اللغة العربية لسانًا لها، وأن الشعوب التي حافظت على لغاتها كتبت تلك اللغات بحروف عربية، سواء في ذلك اللغات الإفريقية كالسواحلية واللغات الأسيوية كالفارسية والأوردية.
وقالت د شيرين العدوي : لا شك أن اللغة هي الفكر وهي الهوية وهي الماضي والحاضر والمستقبل. وتواجه اللغة العربية في الوقت الحاضر عدة آفات منها استعمال اللغة العامية، سواء في وسائل الإعلام، أو في لغة الباحثين والمذيعين والمحاضرين أو في الشعر النبطي، وهي آفة مستعصية لا يسهل القضاء عليها. وقد غلبت لغة العامة حتى على لغة المدرسين والأساتذة في المدارس والجامعات، بخلاف ما كان عليه الأمر قبل، فقد كان المعلمون في المدارس الابتدائية لا يلقون دروسهم إلا باللغة العربية السليمة. ومن المعاناة انتشارها أيضًا في شتىّ وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمنطوق بها وفي الإعلانات ولافتات المحال التجارية والمطاعم والمقاهي وغيرها .
واضافت د شيرين العدوي إن الإنسان بطبيعته كائن منتمٍ، فلا يستطيع أن يشكل وجوده أو يعيش حياته بمعزل عن الآخرين. ولا يستطيع كذلك أن يبدع لغة خاصة تعزله عن سواه من البشر، الذين يشاركونه، أو بالأصح يشاركهم واقعهم الاجتماعي والسياسي والثقافي. وهذا الواقع المشترك الذي يفرض الهوية المشتركة، هو الواقع نفسه الذي يفرض الانتماء إلى هذه الهوية دينية كانت، أو لغوية، أو وطنية. والهوية لا تتأتى بين يوم وليلة؛ وإنما هي خلاصة تعايش طويل لقوم أو مجموعة أقوام تحدد، بمرور الزمن، مكانهم الجغرافي، وتحددت معالم لغتهم المشتركة وقواعدها، وتحددت معها طموحاتهم وأحلامهم، وصاروا بحكم ذلك التكوين منتمين بالضرورة إلى هذا المكان وهذه اللغة. وأي تصدع في جدار الانتماء لابد أن يصدر تصدعات واسعة في جدران الهوية والمكان واللغة.
والجدير بالذكر أنه تطورت اللغة العربية عبر العصور، وتأثرت بالقرآن والإسلام، ومرت من عدة مراحل في الجمع والتدوين ووضع قواعد النحو والصرف، وغيرهما من علوم اللغة والبيان. يتحدث باللسان العربي أكثر من 550 مليون نسمة حول العالم، نحو 300 مليون منهم تعد العربية لغتهم الأم ونحو 250 مليونا يتخذونها لغة ثانية، وهي بهذا تحتل المرتبة الرابعة بين لغات العالم في عدد المتحدثين بعد الصينية والإنجليزية والإسبانية. وتتمتع اللغة العربية بفرص جيدة للانتشار، بسبب اهتمام عدد كبير من سكان العالم بها باعتبارها لغة دين لما يزيد على ملياري مسلم منتشرين في مختلف أنحاء العالم، مما يكسبها أيضا قدرة على مقاومة الانحسار مع تعرض لغات كثيرة لخطر الاندثار، حيث تتوقع اليونسكو اختفاء نصف لغات العالم المنطوقة مع نهاية القرن الـ21، إذ إن 40% من البشر لا يتلقون تعليمهم بلغتهم الأم. وتتفوق اللغة الإنجليزية على سائر اللغات في القدرة على الانتشار، إذ يتنامى الاهتمام بها بين الأجيال الشابة، ويقرنها كثيرون منهم بفرص العمل وجودة الحياة، كما أن 50% من المجلات والدوريات العلمية حول العالم تنشر بالإنجليزية، وهي اللغة الأولى في التقنيات وشبكة الإنترنت ووسائل التواصل، في مقابل ضعف حضور اللغة العربية في تكنولوجيا المعلومات. إذ لا يتجاوز المحتوى العربي 1% على الإنترنت حسب دراسة للأمم المتحدة، بينما يشكل المحتوى الإنجليزي 58%، كما يؤثر هذا التحدي الذي تفرضه هيمنة اللغة الإنجليزية في جودة الأداء باللغة العربية، إذ تتراجع قدرات الكتاب في الحفاظ على التقاليد اللغوية التي تحفظ سمات الأسلوب العربي.
تنتمي العربية إلى ما سمي فصيلة اللغات السامية، وهو مصطلح أطلقه عالم اللاهوت الألماني النمساوي شلوتزر في أواخر القرن الـ18 الميلادي، وتحديدا في أبحاثه وتحقيقاته عن الأمم الغابرة عام 1781م، والتي اهتمت بالشعوب الآرامية والكنعانية والفينيقية والعبرية والعربية واليمنية والبابلية الآشورية، وقد اقتبس المصطلح من سفر التكوين، أول أسفار التوراة الخمسة. وانتشر هذا الإطلاق، وأصبح مقبولا في أوساط البحث العلمي عالميا، وإن وجهت إليه انتقادات كثيرة، ومنها أن هذا التقسيم اعتمد على الروابط السياسية والثقافية والجغرافية أكثر من اعتماده على ملاحظة صلات القرابة والروابط الشعبية، ولذا عدّ الليديين والعلاميين من الشعوب السامية لخضوعهم للسطان الآشوري، وأقصى الكنعانيين من الساميين، ويرى المستشرق الألماني كارل بروكلمان أن هذا الإقصاء هو رغبة إسرائيلية لأسباب سياسية ودينية.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار