المقالات

ولا خطر على قلب بشر

جريدة موطني

ولا خطر على قلب بشر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ولا خطر على قلب بشر

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد شتان شتان بين من يعذب في النيران، وبين من تكون عاقبته ذواتي أفنان أى أغصان نظرة حسنة، فيها الفاكهة النضيجة، وفيها عينان تجريان، تسرحان لسقي الأشجار والأغصان، فيقول تعالى “وفيهما من كل فاكهة زوجان ” من جميع أنواع الثمار، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وقال تعالى ” متكئين على فرش بطائنها من استبرق” اى مضطجعين عليها، هذا الحرير وصف الله تعالى الباطن من الفراش بأنه من إستبرق، فكيف لو رأيت الظاهر، فيقول تعالى “وجنى الجنتين دان” أي أن ثمرها قريب، وأن قطوفها دانية، متى شاء تناول، على أي صفة كان، لا يأخذ ثمرة إلا خرج بدل منها، وتنحط إليه أغصانها، فلا يحتاج إلى القيام، فيأخذ منها قائما وقاعدا ومضطجعا، ويقول تعالى ” وعندهم قاصرات الطرف ” أى غضيضات عن غير أزواجهن، فيقول تعالى “لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ” ولم يطأهن أحد من المخلوقات فيقول تعالى ” كأنهن الياقوت والمرجان” وذلك فى الصفاء والبياض، ويقول تعالى “كأنهن بيض مكنون” أى لم يلمسه أحد، ويقول تعالى ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” وهكذا تكون شدة خضرة الجنة، قريبا من لون السواد.

فيقول تعالى ” مدهامتان” من شدة الري، قد اسودتا من الخضرة، ومن كثرة الأشجار والتفاف أغصانها، ويقول تعالى ” فيهما عينان نضاختان” أى تنبعان وتفيضان، ولا تنقطعان، ويقول تعالى “فيهما فاكهة ونخل ورمان ” وهذا يدل على التنوع، وجمال الفاكهة، وكذلك فإن هذا الرفرف الأخضر، والعبقري الحسان وهى الوسائد، والسجاد، والمفارش، فيقول تعالى ” متكئين على رفرف خضر” هذه الوسائد، والعبقري الزرابي، وقيل الديباج، وقيل المرافق التي يتكأ عليها والمساند، المتكئات، وكذلك الفرش وكذلك البسط، وهكذا مكافئة من الله تعالى لأوليائه، فإن التعرف على أسماء الله الحسنى وصفاته العلا يدعو إلى عبادته، ومحبته وخشيته، وتعظيمه وإجلاله، وبحسب معرفة العبد بأسماء الله وصفاته يكون إيمانه واجتهاده في عبادته، ولقد أثنى سبحانه وتعالى على ذاته العلية.

فوصف نفسه بصفات الكمال والجلال، فقال في محكم تنزيله فى سورة الحشر “هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون” فهو سبحانه الجبار، الذي له العلو على خلقه، فسبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، لن يبلغ الخلق نفعه فينفعوه، ولن يبلغوا ضره فيضروه، قهَر الجبابرةَ بجبروته، وعلاهم بمجده وعظمته، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول يأخذ الجبار سماواته وأراضيه بيده، وقبض يده، فجعل يقبضها ويبسطها، ثم يقول أنا الجبار، أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟” رواه ابن ماجه، وكما أن اسم الجبار فيه صفة علو وقوة، فهو كذلك فيه صفة رأفة ورحمة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم.

كان يقول بين السجدتين “اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني” رواه الترمذى، فالله جل جلاله يجبر الفقير بالغنى، والضعيف بالقوة، والمنكسرة قلوبهم بإزالة كسرها، وإحلال الفرج والطمأنينة فيها، ومن لطف الجبار وكرمه أن ينزل تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول “مَن يدعوني فأستجيب له؟ ومن يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟” فيجبر كسيرا، ويعافي مبتلى، ويشفي مريضا، ويغيث ملهوفا، ويجيب داعيا، ويعطي سائلا، ويفرّج كربا، ويزيل حزنا، ويكشف همّا وغمّا.

ولا خطر على قلب بشر

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار