الدكروري يكتب عن لا تقنطوا من رحمة الله
الدكروري يكتب عن لا تقنطوا من رحمة الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد جبر الله سبحانة وتعالى خاطر نبيه يوسف عليه السلام لما ألقاه إخوته في الجب، فكان هذا الوحي من الله سبحانه وتعالى لتثبيت قلب يوسف عليه السلام ولجبر خاطره لأنه ظُلم وأوذي من إخوته، والمظلوم يحتاج إلى جبر خاطر لذلك شرع لنا جبر الخواطر المنكسرة، وكما جبر الله تعالي خاطر أم نبي الله موسى حين رد موسى عليه السلام إليها لتقر عينها، وكما جبر الله تعالى خاطر نبيه محمد صلي الله عليه وسلم بعد ما أذاه قومه، فخرج من مكة بأمر الله مهاجرا إلى المدينة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أحب مكة التي وُلد فيها ونشأ، أخرج منها ظلما، فاحتاج في هذا الموقف الصعب وهذا الفراق الأليم إلى شيء من المواساة والصبر، فأنزل الله تعالى له قرآن مؤكد بقسم أن الذي فرض عليك القرآن وأرسلك رسولا.
وأمرك بتبليغ شرعه، سيردك إلى موطنك مكة عزيزا منتصرا، وهذا ما حصل، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية من سورة الزمر” قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ” رواه أحمد، فإن الكل تحت رحمة الله فما تبقى غير العمل والعمل والتوفيق إليه من رحمة الله، بل إن الرحمة لتدرك لمن أحسن إلى حيوان وهى عبودية الرحمة كيف توصل الإنسان إلى الرحمة العظمى يوم الدين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به” رواه البخاري ومسلم، فهى أسقت كلب أعزكم الله.
فيا أهل المال والاقتدار اسقوا بشرا رحمة تقدمها بين يديك يوم الظمأ والحر والفزع الأكبر، فلقد علم البشر بل حتى الحيوان أن الرحمة، لتفيض من النبي صلى الله عليه وسلم على كل من حوله فهذه حمرة طائر فجعت بفراخها فلم تجد من يغمد جراحها إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته فرأينا حمّرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمّرة فجعلت تفرش جاء النبى صلى الله عليه وسلم فقال “من فجع هذه بولدها؟ ردّوا ولدها إليها” ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال “من حرق هذه؟ قلنا نحن، قال “إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار” رواه أبو داود، فمن علمها أن هذا إمام البشر جميعا عطفا ورحمة.
إنه البارئ عز وجل، بل أنه صلى الله عليه وسلم ليقدم عبودية الرحمة حتى وإن كان على حساب عبوديات أخرى، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقدم عبودية الرحمة حتى وإن كان على حساب عبوديات أخرى، إذ أن الرحمة قد يكون لها حالتها الطارئة في الغالب، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أنّه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبى فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه” رواه البخاري ومسلم، ويقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى “اللهم إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك، فإن رحمتك أهل أن تبلغني، رحمتك وسعت كل شيء وأنا شيء، فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إنك خلقت قوما فأطاعوك فيما أمرتهم، وعملوا في الذي خلقتهم له، فرحمتك إياهم كانت قبل طاعتهم لك يا أرحم الراحمين”