قصة

بلبل وفله

جريدة موطني

قصة قصيرة

بلبل وفلهبلبل وفله

تعلم بلبل مهنة النقاشة منذ الصغر وبرع فيها لدرجة أنه أصبح مطلوب بالأسم لدي الكثير من أصحاب العمارات والمقاولين لدهان المساكن والمحال وكان لا يتكاسل في عمله وعرف عنه الأمانة والمهارة.

تحمل مسئولوه أسرته منذ الصغر حيث توفي والده وهو في العاشرة من عمره ولم يكن للأسرة دخل ثابت فقرر بلبل الخروج لسوق العمل وترك التعليم خاصة أنه الأبن الوحيدة لامه الحاجة تفيده وله عدد من الشقيقات في مختلف مراحل التعليم.

بدا كصبي مع المعلم حمدان النقاش الذي كان شديد القسوة معه. يضربه بشراسة وينعته بأبشع الألفاظ وبلبل يتحمل تلك المعاناة حتى يعود بجنيهات قليلة يدسها في يد أمه حتى تستطيع مواجهة أعباء الحياة.

كانت الحياة قاسية والأيام ثقيلة خلفت لديه ألما نفسيا شديدا خاصة عندما يذهب إلى عمله في الصباح ويجد الأطفال يمرون بجانبه بزي المدرسة وشنطه الكتب.

كانت دموعه تتساقط كل ليله علي الوسادة من كم الإهانات التي يتلقاها من المعلم حمدان ويلعن الظروف التي حرمته من طفولته. مرت الأيام وبلبل يجتهد في العمل ويزوج أخت وراء أخت وبعد أن انتهى من تزويج إخوته البنات توفيت والدته بعد رحلة مع المرض. بعد أن دفن والدته وجد أن عمره تجاوز الأربعين عاما. مرت عليه كل الذكريات في تلك الليلة فهذه أول ليلة ينام فيها بمفرده. الهدوء قاتل والذكريات تتزاحم في رأسه وصوت والدته لا يفارقه.

قرر بعد فترة من الوحدة القاتلة أن يتزوج ورشحت له أخته الكبرى سامية إحدى فتيات القرية وهي فله. فله فتاة بسيطة يتيمه من أسره متواضعة ومتوسطه الجمال ولم تنل حظا من التعليم

وافق بلبل علي الزواج بعد أن جلس معها كرؤية شرعية وأحس أنها مثله. نشأت من رحم المعاناة ورغم فارق السن بينهما إلا أنه شعر أنه سيكون لها بمثابة الزوج والأخ والحبيب والأب. ومرت الأيام بحلوها ومرها وكان نتاج الزواج طفلين ورثا عن أبيهما الفقر والجهل وشطف العيش.

كبر بلبل في السن ولم يعد يستطيع العمل بنفس الكفاءة السابقة ومع وجود جيل جديد من الشباب سحب البساط من تحت أقدامه في الصنعة

أدرك بلبل أنه انتهى في المهنة خاصة مع توافر الدهانات بالكومبيوتر وأساليب الدهان الحديثة. كان الصيف قد طرق أبوابه وطلبت فله من بلبل السفر إلى بورسعيد مع طفليها سابق ولاحق لشراء ملابس مستعملة لهما من سوق البالة. وافق بلبل علي مضض خاصة أن النقود التي يمتلكها تتناقص ولا يتوافر لديه عمل منذ فترة ليست بالقصيرة

وبعد أن أنهت فله شراء الملابس جلست مع بلبل لتناول الطعام علي رصيف أحد الشوارع وكان الطعام فول وطعميه من أحد الباعة الجائلين. واثناء تناول الطعام توقفت سياره فارهة جمرك بورسعيد ونزلت منها سيده في غايه الاناقه ودست في يد فله ورقه من فئه المائه جنيه.

تعجب بلبل من الموقف ولكنه استوعبه بسرعه وظل يدعو لتلك السيده حتي اختفت من امامه. نظر بلبل الي فله نظره ذات مغزي وفهمت فله مايريده بلبل

. وبعد ان فرغا من الطعام واستراحا قليلا بدا بلبل في توجيه فله في الدخول للمحالّ

وهي تجر سابق وتحمل لاحق للتسول في مشهد بائس تقشعر منه الأبدان

كانت حصيله ذلك اليوم جيده

قام بلبل بعد حصيله اليوم ووجد ان المبلغ تجاوز الالف جنيه بقليل. لم يصدق بلبل نفسه ومن فرط فرحته قرر مكافاه فله بشراء سندوتشات كبده وسجق من محل لامؤاخذه الشهير وتوجه بعدها الي محطه القطار للعوده الي منزلهما المتواضع.

قرر بلبل ان تصبح اسرته من الاسر المنتجه وامر فله بارتداء النقاب حتي لا يعرفها احد

وبدا في تحديد الاماكن التجارية بمدينته

حيث يجلس هو وولديه في بدايه الشارع وتدخل فله علي المحالّ للتسول

وفي نهايه اليوم تلقي فله بكل ما تحصلت عليه بين يدي بلبل وتكون المكافاه سندوتشات لذيذه للعشاء مع شراء اللحوم والدجاج في الثلاجه.

اصبح الامر مربح بدرجة كبيره وتم توسيع النشاط ليشمل مدن اخري ومحافظات قريبه من البلد. وقرر بلبل ان ينزل سابق ولاحق للتسول في المحافظات القريبه تحت اشراف العقل المدبر والراس المفكر المعلم بلبل. مع استخدام القطار في رحلات الذهاب والعوده حيث إن القطار ايضا مجال جيد للتسول مع تعليمات بالهروب من دفع الاجره وتغفيل الكمساري.

وقد نجح سابق ولاحق في ذلك بسهولة ويسر.

تحسنت احوال بلبل ولكن لن يكتف بكل ما حصده في تلك الفتره حتي اتي اليوم الذي حاول فيه سابق ولاحق الهرب من الكمساري ولكن القدر كانت له كلمته

فقد سقط الشقيقان تحت عجلات القطار وتوفي الشقيقان في نفس الوقت. والمأساه ان بلبل كان يركب في نفس العربه ورأي بعينه سقوط ابناه امامه

كانت صدمه قاسيه لم يتحملها عقله واصيب بلوثه عقلية شديدة من بشاعه المنظر ومما زاد من معاناته 

 ان فله حملته مسئوليه ما حدث وطلبت الطلاق والذهاب إلى اسرتها مره اخري تاركه ورائها كل ما تم حصده من اموال

وأصبح سيد يهيم في طرقات القريه بملابس رثه وشعر اشعث يعاني من وفاة ابناه وطلاق زوجته

وهو يغني بهستيريا ” البلبل غني علي ورق الفله

البلبل غني علي ورق الفله

ومن وراءه الصبيان والبنات يرددون كلماته ومنهم من يقذفه بالحجاره وسط سخريه الجميع من اهل قريته

تمت

م محمود عبد الفضيل/ مصر

بلبل وفله

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار