حين وقوع الكرب
كتبت فاطمة عبد العزيز محمد
ان الإسلام حرم اليأس وأوجد البديل وهو الأمل، وحرم التشاؤم وأوجد البديل وهو التفاؤل، حيث إننا نرى صاحب الأمل الكبير، عالي الهمة، دؤوب العمل، كثير البذل، سريع التضحية، بعكس الآخرين العاجزين، ومن المعلوم أنه بقدر تفاوت الناس في آمالهم وأعمالهم، تتفاوت عزائمهم، فالإسلام لا يعرف اليأس ولا القنوط ولا الأحزان، كما جاء في الحديث الشريف عن أَنَسِ بْن مَالِكٍ – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ»، (أخرجه البخاري).
ولنا مثال على ذلك، أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد واجه المشاق والمتاعب عندما بدأ بتبليغ الرسالة، كما وواجه المقاطعة وجميع أشكال الأذى والتعذيب، ومع ذلك صبر وسلَّم الأمر لصاحب الأمر ولم ييأس، فما هي إلا فترة وجيزة، وإذا بالضيق ينقلب فرجاً والعسر يسرا، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، ومن المعلوم أن أذى المشركين قد اشتدَّ برسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه – رضي الله عنهم أجمعين-، حتى جاء بعضهم إليه يستنصره،
وعندئذ يذكّر الرسول – صلى الله عليه وسلم – أصحابه الكرام بضرورة الصبر، لأن الصبر يورث الرضى والسكينة ويذهب الجزع وهذه صفات المؤمنين، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، «سورة البقرة: الآية 153»، وفي نفس الوقت يبثّ الأمل في نفوسهم ويطمئنهم على المستقبل، كما جاء في الحديث عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ – رضي الله عنه – قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ – قُلْنَا لَهُ: أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ باثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»، (أخرجه البخاري).
وقد كان التفاؤل بنصر الله مرافقاً للرسول – صلى الله عليه وسلم – في حِلِّه وترحاله، ألم يَقُلْ – صلى الله عليه وسلم – لسراقة بن مالك؟ يوم أن لحقه وهو مهاجر من مكة إلى المدينة يريد أن يظفر بجائزة قريش لمن أتى بالرسول – عليه الصلاة والسلام – حيّاً أو ميتاً، يا سراقة عُدْ: وإنني أَعِدْكَ بسواريْ كسرى.
حين وقوع الكرب