الدكروري يكتب عن الأمر بقتال الكافرين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله إن الله تعالي هو الرحمن الرحيم الذي يتراحم علي عبادة، فتأمل إلى عظمة رحمة الله تعالى وبالمثال يتضح المقال ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة في السبي تبحث عن صبي لها، فلما وجدته أخذته، فألصقته ببطنها، وأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم منبها أصحابه، ولافتا لأنظارهم لهذا الموقف العظيم أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ فتفاعل الصحابة رضوان الله عليهم مع هذا المشهد الرهيب، وقالوا بإجماع لا والله، وهي تقدر على ألا تطرحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أرحم بعباده من هذه بولدها” وهذا حماد بن سلمة يدخل على سفيان الثوري في مرضه، فقال سفيان أترى أن الله يغفر لمثلي؟
فقال حماد والله لو خُيرت بين محاسبة الله إياي، وبين محاسبة أبويّ، لاخترت محاسبة الله وذلك لأن الله أرحم بي من أبويّ” فإذا أراد الله تعالى بأهل الأرض خيرا، نشر عليهم أثرا من آثار اسمه “الرحمن” فعمّر به البلاد، وأحيا به العباد، وإن أراد بهم شرا، أمسك عنهم ذلك الأثر فحل بهم من البلاء بحسب ما أمسك عنهم من آثار اسمه الرحمن، أما بعد فلقد أمرنا الله عز وجل أن نعدّ لأعدائه الكافرين كل ما نستطيع من قوة، ولم يقل ما تيسّر من القوة، بل قال ” ما استطعتم من قوة” وكلمة ” قوة ” نكرة تشمل كل قوة نستطيع أن نعدّها للكافرين، ولم يكلفنا الله أن نعدّ لهم شيئا فوق طاقتنا بل نعدّ ما في وسعنا، وكذلك الصبر، والتوكل على الله وهو اعتماد القلب على الله وحده في جلب المنافع ودفع المضار الدينية.
أو الدنيوية مع الأخذ بالأسباب الشرعية، والقتال تحت راية واحدة بقيادة واحدة، فهذه أسباب للنصر مذكورة في كتاب الله، فإن أخذنا بها فسينصرنا الله ولن يخلف الله وعده، وإن تولينا فسينصر الله دينه بغيرنا، قال الله عز وجل فى سورة محمد ” وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم” ولن يصلح الله آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل” فاستقيموا على منهج الله بتقواه في كل أمر، واعلموا أن من تقوى الله العمل لوجهه، لأن من تقوى الله نصره ونصر دينه في كل زمان ومكان، فإن النصر هو المضي إلى حرب العدو وحمل السلاح في وجوه الكفرة؟
وهو الانخراط في سلك العسكرية والتدرب على استعمال السلاح وحمله؟ وهو حمل القلم وملء القرطاس ببلاغة الكلام لتبيين الحق وإزهاق الباطل؟ وهو التصدي لحمل الناس على العمل بأحكام الشريعة وبسط دين الله لهم؟ وهو التزام المسلم بتنفيذ أوامر الله واجتناب نواهيه؟ وإن كل هذه المعاني هي غاية النصر ومفهومه، ولكن لا يتم ولا يتحقق هذا المفهوم إلا بالإيمان الخالص بأن الله موجود معبود بالعين والقلب والروح يستحق العبادة لعظمته وقهره وسلطانه ومحبته والطمع فيما عنده، وقال صلى الله عليه وسلم “اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها” ويقول صلى الله عليه وسلم “كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها”