عبدالنبى ابوهيف يكتب
كيف يكون لنا بيت في الجنة؟
إن الله عز وجل زين بيوت الجنة ووصفها، وعرضها على عباده ليجتهدوا في الوصول إليها، والحصول عليها، وأول سبب لبلوغها الإيمان بالله تعالى والحرص على عمل الصالحات، قال سبحانه:( والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون). تضاعف لهم حسناتهم وهم في منازل الجنة العالية آمنون. قال تعالى:( وهم في الغرفات آمنون).
فهذه السيدة خديجة رضي الله عنها بنى الله تعالى لها بيتا في الجنة لأنها آمنت بربها، وبذلت من مالها في عمل الصالحات لإرضاء خالقها، ومساندة زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك… فاقرأ عليها السلام من ربها عز وجل، ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. أي ببيت من لؤلؤ، لا ضجيج فيه، ولا تعب ولا مشقة.
يا من ترغبون في بيوت الجنة: إن بناء المساجد من الأعمال العظيمة، التي يبني الله تعالى لك بها بيتا في الجنة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من بنى مسجدا لله، بنى الله له في الجنة مثله». فإن المساجد بيوت الله في الأرض يكرم الله عز وجل من أكرمها، وساهم في بنائها ونظافتها، ويعد منزلا كريما في الجنة لكل من يذهب إليها، ويحافظ على صلاة الجماعة فيها، قال صلى الله عليه وسلم :« من غدا إلى المسجد، أو راح، أعد الله له في الجنة نزلا، كلما غدا، أو راح». ومن داوم على صلاة النوافل بنى الله تعالى له بيتا في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم :« ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة».
أيها القارى: إن حسن الأخلاق من أعظم الأعمال أجرا، فبها يكون لك بيت في أعلى الجنة، قال صلى الله عليه وسلم :« أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه». ففي هذا الحديث الشريف يضمن النبي صلى الله عليه وسلم بيتا في أدنى الجنة لمن ترك الجدال، وبيتا في وسط الجنة لمن تحلى بخلق الصدق، وبيتا في أعلى الجنة لمن حسن أخلاقه، وأطاب كلماته، وأخلص في أفعاله، واجتهد في عبادة الله عز وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم :« إن في الجنة غرفا يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها أعدها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى والناس نيام».
ومعني :« يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها». أن المرء يرى ما فيها لأن جدارها شفاف، أو يعلم ما بها لرائحتها الطيبة وأنوارها المضيئة.
ومن أحسن إلى الناس، فأعان ضعيفهم، وزار مريضهم، فإن الملائكة تتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يعد له بيتا ومنزلا كريما في الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من عاد مريضا، أو زار أخا له في الله ناداه مناد: أن طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا». ومن صبر على أعباء الحياة وشغلها، وتوكل على الله عز وجل في كل أموره، بنى له بيتا في الجنة، قال سبحانه وتعالى:( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين* الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون). أي: لنسكننهم منازل عالية في الجنة تجري من تحتها الأنهار، ماكثين فيها أبدا، جزاء لحسن أعمالهم، وصبرهم وتوكلهم على ربهم في كل أحوالهم.