معاشر الشهداء طبتم أحياء وأمواتا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين، ثم أما بعد يقول النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم ” من قُتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد” فمن دافع عن أهله أو دمه أو دينه أو ماله ثم قتل فهو شهيد قد حصل على هذا النعيم الخالد والحياة الأبدية والرفقة الحسنة ولا نحزن عليهم بل نهنؤهم.
وندعوا أن يكتبنا الله منهم ونعمل في سبيل ذلك ما إستطعنا، فإخبروا التاريخ عن سلسلة الشهداء العطرة، بدءا من الرعيل الأول وإلى من تشبه بهم وسعى في طريقهم من أبناء اليوم، وعطروا مجالسكم بذكرهم، وأحيوا قلوبكم بفعالهم، وأعملوا عقولكم بمصيرهم، وكيف عاشوا وكيف سادوا وكيف سطروا تاريخهم بمداد الذهب وكيف إستشهدوا، ولأجل ماذا زمجروا وأرعبوا، وانتصروا، إن لم يكن بنصر تمثل أمام أعينهم، فبشهادة رغبوا أن ينالوها ألف مرة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من أحد من أهل الجنة يسره أن يرجع إلى الدنيا غير الشهيد، فإنه يحب أن يرجع إلى الدنيا يقول حتى أقتل عشر مرات في سبيل الله، مما يرى مما أعطاه من الكرامة” تبكيهم جموع الأمة عندما يخرجون من دنياهم كحبات لؤلؤ، تفلت من نظمه واحدا تلو الآخر، شاعرين بهول الخسارة التي سيحدثها فراغهم، لكنهم مع ذلك خرجوا ولم يتركوها هملا.
بل أعدوا الكثير من الرجال على أشكالهم، والذين سيحولون الحزن بفقدهم فرحا بولادتهم بالتخلق بفعالهم، والسّير على منهجهم إعلاء لكلمة الله، ونصرة للدين والأمة، نعم إنهم الشهداء، إنهم شامة العز التي تجمّل بها جبين الأمة برهة من الزمان، ثم رحلوا ليتركوا لنا سيرة عطرة، هي التاج المرصّع بياقوت الإباء، والذي مكانه الرأس فخرا ولا غير، ويكفي شهداءنا البواسل تشريف الله تعالى لهم بهذه الشهادة، واصطفاؤهم من خلقه، ورفعة القدر أحياء وأمواتا، والنعيم السرمدي الذي يجبر الله تعالى به قلوب الأمهات المعدات للرجال، وصانعات الأبطال، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله، قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تك الأخرى ترى ما أصنع؟ فقال “ويحك أوهبلت؟ أوجنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس”
معاشر الشهداء طبتم أحياء وأمواتا
فيا أمتي لا تحزني وليشفين الله تعالى صدورنا بيوم يعرف الأعادي والبغاة فيه قدرهم ومآلهم المحتوم، ولترفعن رايات النصر مرفرفة في أرجاء الكون، وعد الله المتين طالما تحققت النصرة الحقة لله تعالى في النفس والأمة، فالله أكبر يا معاشر الشهداء طبتم أحياء وأمواتا، أدّيتم الأمانة، ونصحتم الأمة، وجاهدتم في الله حق جهاده كذا نحسبكم فالله نسأل أن يعلي منازلكم، ويجزي أمهاتكم، ويجبر أراملكم، ويحسن نشء أبنائكم، ويعوض الأمة في فقدكم خيرا، ويخرج الأبطال بما صنعته أيديكم، فعجيب أمرك أيها الإنسان، قد يوصلك إيمانك بالله إلى أن ترقى أعلى الدرجات ويراق دمك في سبيل الله تعالي من أجل دينك وعقيدتك ودعوة الناس إلى الله تعالي، ويقول الإمام النووي رحمه الله وأما سبب تسميته شهيدا فقال النضر بن شميل لأنه حي فإن أرواحهم شهدت وحضرت دار الإسلام وأرواح غيرهم إنما تشهدها يوم القيامة.
وقال ابن الأنباري إن الله تعالى وملائكته عليهم الصلاة والسلام يشهدون له بالجنة، وقيل لأنه شهد عند خروج روحه ما أعده الله تعالى له من الثواب والكرامة.